المرشّح الفقير
كتب عبدالهادي مهودر: تكشف الدعاية الانتخابية عن تباين كبير في مستويات المرشحين من حيث الإنفاق والنفوذ ، ويظهر الثراء والنفوذ جلياً في قدرات المرشحين الذين يستطيعون استئجار واجهات (المولات) التجارية لعرض صورهم وشعاراتهم .
بينما يضع المرشح الفقير صوره عند مدخل السوق الشعبي او الملعب الخماسي او مطعم الفلافل، وبرر لي احد الاصدقاء سبب انسحابه من المنافسة الانتخابية لعدم تكافؤ الفرص ، فهو ينافس ضمن دائرة انتخابية لنواب سابقين اثرياء ،وصورهم الكبيرة تغطي على لافتاته وصوره الصغيرة ، ولايمكنه اقامة حفل انتخابي ، و لأن النواب السابقين يمتلكون رصيدا كبيرا من اصحاب الدرجات الوظيفية الذين تم تعيينهم سابقاً ويدينون بالفضل والولاء للنائب والنائبة الذين عيّنوهم وليس للدولة العراقية ومجلس الخدمة الاتحادي المشكّل حديثا .
مثلما يشكرون النائب الذي يرش الدرب بالزفت و (السبيس) ولايشكرون البلدية حتى اذا زرعت لهم الدرب بالورود ، والمرشح الثري يمتلك الوسائل التي توصله الى القلب والمعدة والأمعاء الغليظة ، ويملك المال الذي بواسطته يبلط الشوارع ويحرّك الشاحنات والحادلات والشفلات ويكسب قلوب الناخبين الرقيقة ، والمرشح الثري والنافذ يتنقل بموكب سيارات مصفحة وحمايات مسلحة بينما المرشح الفقير يتنقل بسيارته الشخصية مفتوحة النوافذ ( لعطل كمبريسر التبريد) وسيارته المتواضعة مصبوغة حزام لغرض الجمالية (والايرباگ طاگ ) ويحتفظ بصور الحادث لكن المحرك ( خير من الله) والحقيقة احلى من الصورة ، او يستقل سيارات النقل العام ولا أحد يقول له ( واصل حسابك ).
بعض المرشحين المتواضعين يعتقدون ان المواطنين يحبون المسؤولين المتواضعين مثل الاوربيين الذين يذهبون الى مقار وزاراتهم بالدراجة الهوائية ، ويعتقدون ان المسؤولين الاجانب يتجولون بحرية لأن شوارع الدول الاسكندنافية ليس فيها حصى وطابوق واحجار بقياسات متنوعة … وها نحن نقترب من موعد الاستحقاق الانتخابي وكل الأمنيات بالفوز للمرشحين الفقراء الذين يخوضون مضمار المنافسة بإصرار في ظل هذه المصاعب والامكانات المتواضعة، لكن فوزهم سيكون هو الفوز الحقيقي المستند لقناعة الناخب بشخصية المرشح واهدافه من دون أية تأثيرات واستمالات للعواطف والغرائز ، ونتنمنى فوز نواب ووزراء يستطيعون التجول بالدراجات الهوائية وشوارع نظيفة حتى يعودوا سالمين غانمين.