عزيزي المرشح
كتب علاء هادي الحطاب: من الطبيعي جدا ان تجتهد في اقناع شخص بإعطائه لك ما تحتاجه منه من دون مقابل ملموس، سيما اذا كان هذا العطاء يتوقف عليه مستقبلك ومشروع حياتك، فكيف اذا كان ذلك العطاء يمثل جسرا لعبورك الى ضفة البرلمان لاربع سنوات بشحمها ولحمها، لذا فمن الطبيعي ان تجتهد في اقناع من يمنحك صوته.
عزيزي المرشح مرت علينا خلال السنوات الماضية عشرات بل مئات الوعود خلال الانتخابات السابقة وما قبلها وما بعدها من دون ان نلمس تطبيقا حرفيا او نصف حرفي او حتى ربع حرفي لها.
هل تعرف عزيزي المرشح ان اوروبا عموما والولايات المتحدة الاميركية انموذجا يعمل الفائزون في الانتخابات هناك على تنفيذ وعودهم الانتخابية. حرفيا؟ وهل تعلم ان ناخبيهم في الربع الاول من دورتهم الانتخابية يحاسبونهم على مقدار ما تحقق وما بقي، وكذلك في الربع الثاني والثالث حتى انتهاء الدورة الانتخابية، وعلى اساس مقدار تنفيذ الممثل لهم في السلطة التشريعية لوعوده الانتخابية التي انتخبوه من اجلها تتم اعادة انتخابه او رفضه، وهذا يعكس اهمية الوعود التي يقدمها المرشح لناخبيه.
عزيزي المرشح نقدم لك نصيحة صادقة، فلم نعد نصدق “دستة ” الوعود التي تقدمها من دون وجود مقدمات لتحقيقها، فاننا نعرف جيدا انك لا تملك سلطة التعيين في الدوائر الحكومية فلا تعدنا بذلك، ونعرف كذلك انك لست مسؤولا بلديا او خدميا ستحول مدينتنا روضة غنية بالخدمات والرفاهية لانك ببساطة لست مسؤولا تتفيذيا، ونعرف كذلك ان دورك “الحقيقي” يعني التشريع والرقابة.
عزيزي المرشح بتنا نعرف ان ايقونة “تبليط” الشوارع وجلب محولات الكهرباء وحفلات ختان الاطفال وصبغ المدارس محاولة بائسة منك ” لقشمرتنا ” لنمنحك صوتنا لا اكثر.
عزيزي المرشح اعلم جيدا انك كلما زدت كمية اللحوم الحمراء والبيضاء في ولائم تجمعاتك الانتخابية فاننا نهمس في ما بيننا ونحن نأكل “منين جاب كل هاي الفلوس” هذا يعني اننا نأكل زادك ونشك في نزاهتك.
عزيزي المرشح كلما قدمت الينا بموكب كبير من الجكسارات ويحيط بك الحمايات فاعلم جيدا اننا منزعجون من ذلك ونمقت طريقة قدومك الينا لانك بذلك تشعرنا بحجم الهوة والفارق بيننا وبينك، نعم وإن حضرنا تجمعك الانتخابي واكلنا زادك “الهبيطي“.
عزيزي المرشح لا تطلق وعودا كثيرا فأنت اليوم تمثل دائرة صغيرة لجمهورها حاجات عامة تتمثل في حل مشكلات البلد بشكل عام، وحاجات خاصة تتمثل في بعض الخدمات او حاجات اخص لبعض مشكلاتنا الشخصية، وندرك جيدا انك لست صاحب القرار الوحيد في جميعها، بل يمكنك توظيف موقعك النيابي والسياسي لحل مشكلاتنا الخاصة والشخصية لا اكثر، فلا تطلق وعودا اكبر من ذلك لاننا فهمنا القصة.
عزيزي المرشح قدم لنا وعودا حقيقية وان كانت بسيطة او قليلة او صغيرة وعاهدنا ان تحقق هذه الوعود على المستوى المحلي، اما على المستوى الوطني فقدم لنا رؤيتك الواقعية دون منح الوعود لتنفيذها لان القضايا الوطنية الكبرى خارج دائرة مسؤوليتك الشخصية، نعم ربما ضمن مسؤولية الكتلة او الحزب الذي تنتمي اليه، لكن نطالب بالواقعية لا الخيالية في الطرح.
عزيزي المرشح ما زال الجو ساخنا سواء بالطقس او البيئة السياسية، فلا تزده سخونة وتعزز روح العدائية في ما بيننا. كجمهور نختلف في توجهاتنا وافكارنا. واخيرا وليس اخرا.. عزيزي المرشح ارتق بوعدك الانتخابي ولا تغالي فيه.