فرض التطعيم.. واجب
كتب سالم مشكور: قبلَ عام من الآن كان عدد الإصابات اليومية بوباء كورونا في العراق يقترب من ثلاثة آلاف، يومها تم التعامل مع الوباء بوضع الطوارئ، بينما يتخطى عدد الإصابات اليومية الآن التسعة آلاف.
اللافت للنظر أن حالة عدم الاكتراث الشعبي بالوباء زادت مع ازدياد الإصابات. عدم الاكتراث يشمل الاستخفاف بالوباء وعدم الالتزام بإجراءات الوقاية، بل إن الملتزم بها قد يتعرض في بعض الأوساط الى السخرية. أما التطعيم ضد الوباء فلا زال منخفضا جداً قياساً الى باقي الدول، إذ لا تتعدى نسبة الذين بادروا الى التطعيم الواحد بالمئة بينما تخطت هذه النسبة الخمسين بالمئة في الكثير من الدول ذات الوعي الشعبي العالي والإجراءات الحكومية الصارمة.
كل التقارير تؤكد أن التطعيم والإجراءات الوقائية كفيلة بمحاصرة الوباء. نرى كيف تراجع الوباء وعادت الحياة شبه طبيعية في الدول التي ارتفعت فيها نسبة التطعيم، وما زال لدينا من يجادل ويشكك في التطعيم مستعيناً بخرافات وهذيان يسوّقه البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي. لكن هذه الشائعات لم تكن لتؤثر في الناس لولا هبوط الوعي وانتشار الجهل الذي يشكل مرتعاً للكثير من الظواهر السلبية. كثيرون شككوا بأصل وجود كورونا ووصفوه بانه “مؤامرة” تسويق كمامات ومعقمات، ولم يلتزموا بالوقاية، فأصيبوا به بشدة. اليوم يقوم ذات الأشخاص ومن هم على شاكلتهم في الوعي بالتشكيك بالتطعيم وتداول الشائعات حوله. النتيجة كما نراها: ارقام غير مسبوقة بعدد الإصابات والمستشفيات عادت الى الاكتظاظ، والقادم لا يبشر بخير أبداً. حتى في الدول المتطورة في الوعي الجمعي والإجراءات الوقائية فان التعويل على الالتزام الطوعي لا يحقق النتيجة المطلوبة، ففي كل مجتمع توجد فئات تسير عكس تيار الوعي والمصلحة، لجهل أو غرض معين. هنا تكون مسؤولية الحكومات في فرض ما يحقق المصلحة العامة.
في حالات الوباء، فان المواجهة هي مسؤولية الحكومات، وفي حالات التمرد المضرّ بالآخرين لا مجال للحديث عن الحرية الشخصية. في القوانين السماوية، فان الإضرار بالنفس محرّم، فكيف اذا كان السلوك مضراً بالآخرين. هنا فان الحرية الشخصية لا معنى لها. الاجبار هنا يكون بالمحاصرة. الالتزام بالإجراءات الوقائية يكون واجباً في كل مكان عام، ومنع التجمعات البشرية، ومعها فرض التطعيم وجعله شرطاً لدوام الموظفين والسفر ومراجعة الدوائر.
هكذا يمكن محاصرة الوباء وإنقاذ الناس منه.