قمة دول الجوار
كتب كاظم الحسن :مبادرة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لعقد قمة في بغداد، يحضرها الملوك والرؤساء في دول الجوار، هي غير مسبوقة، فقد كان السائد في العهد الملكي، هو التعويل على الخارج الاجنبي، مثال ذلك حلف بغداد، فقد كان نوري سعيد لا يقيم وزنا للمحيط العربي.
وربما لهذا السبب كان العداء بين رئيس جمهورية مصر جمال عبد الناصر ورئيس وزراء العراق نوري سعيد مستعرا طوال فترة الخمسينيات من القرن الماضي.
كان الباشا يعتقد ان مشكلات العراق وازماته تتعلق بالماضي التاريخي، لدولتي الجوار وهما تركيا وايران، فكان يأمل ان حلف بغداد سوف ينهي الصراع بين الاطراف الثلاثة، ولكن الموجة القومية الجارفة كانت اكبر من الهدوء والعقلانية في ذلك الوقت، فحدثت مجزرة قصر الرحاب التي اطاحت بالنظام الملكي واندثر هذا المشروع ولم يحقق اهدافه.
وبعدها اي الفترة القومية في المنطقة كان تفكير النظام السياسي، هو البعد العربي وتجاهل المحيط الاجنبي، بل اعلان العداء والحرب ضد ايران وبقاء العلاقة فاترة مع تركيا.
وقد كلف العراق ثمنا باهظا في حرب امتدت ثماني سنوات اطاحت بمقدرات البلد البشرية والاقتصادية والتنموية، وجعلته يئن من جراحه الى امد بعيد واغرقته في ديون هائلة اوقفت عجلة البناء والاعمار والتقدم.
نصل من خلال ذلك ان العراق لم يعمل في تاريخه المعاصر على اقامة علاقة متوازنة مع كل الاطراف.
ولذلك تشكل مبادرة رئيس وزراء العراق في الدعوة لقمة دول الجوار، خروجا عن سياسة المحاور، التي عطلت من مكانة وفعالية العراق وجعلته يعيش في الهامش، حتى فقد دوره القيادي والريادي في المنطقة وباتت سمعته السياسية، قرينة الحروب والعنف والازمات وعليه لا بد من استثمار هذه الفرصة واغتنامها. هي قمة صعبة جدا لانها اول مرة تعقد مثل هكذا قمة في بغداد، تجمع الاضداد.
سوف تكون ناجحة لمجرد اقامتها في العراق ولو تم تكريسها وجعلها دورية تتكرر كل عام، يكون بذلك العراق قد حقق نجاحا دوليا واقليميا، يشار له بالبنان وقد تكون تلك المقدمة لاطفاء الحرائق في المنطقة، يعقبه العمل في الملفات الاقتصادية والتجارية والسياسية وهو ما يتوج هذه الورشة متعددة الاهداف والرؤى. انها حقا سوف تكون قمة القرن لو نجحت في ازالة العقبات والعراقيل التي تعترضها وهي طبيعية، لانها البداية قد تكون متعثرة بعض الشيء، الا انها تسير في السكة الصحيحة طالما خلصت النوايا واقتنعت في ما تعمل.