قمَّة الجوار ورهانات المسؤوليَّة

كتب علي حسن الفواز: يمكن أن تفتح قمة بغداد لدول الجوار أفقاً لمسؤوليات سياسية جديدة، ولمقاربة واقع يتطلب كثيراً من التفاهمات والجهود الاستثنائية لمعالجة مشكلاته، ولاعادة ترتيب العديد من ملفاته المعقدة، التي يخص بعضها الداخل العراقي، مثلما يخص البعض الآخر دول الجوار والاقليم بشكل عام، لاسيما مع تغوّل الصراعات العاصفة التي تعيشها المنطقة، وطبيعة التحديات التي تطرحها على الدول والمجتمعات، وعلى المستقبل الامني والاقتصادي للمنطقة.

عودة العراق إلى دوره المحوري في الشرق الاوسط يدفع باتجاه تهيئة كل المستلزمات السياسية- الدبلوماسية والامنية- لانجاح هذه القمة، ولتفعيل الجهد والخطاب، على مستوى تنظيم وتأطير الجهود المشتركة ولمواجهة الأخطار والتحديات، ومن ابرزها خطر الارهاب، والصراع الأهلي، وملف المياه والتنمية، وقضايا التكامل الاقتصادي، وهذا ما يعني بالضرورة أن يكون الخطاب العراقي بمستوى المسؤولية، وبالقدرة التي تجعله يملك ادوات التأثير والتواصل مع دول الجوار العربي، ومع دول المحيط الاقليمي، لاسيما مع وجود تداعيات كثيرة للصراعات التي تجري في المنطقة، كما في سوريا واليمن وفلسطين وافغانستان وليبيا، او مع وجود ملفات ستراتيجية ضاغطة مثل الملف النووي الايراني والملف اللبناني، فضلا عن تحديات المناخ التي باتت تشكل خطرا بنيويا على عديد الدول، لا سيما بعد الحرائق الكبيرة التي حدثت في تركيا وفي الجزائر وتونس.

الرهان على انعقاد هذا المؤتمر في نهاية شهر آب يعكس مدى اهميته من جانب، ومدى حاجة العراق ودول الاقليم إلى فضاء سياسي عقلاني للحوار ولمقاربة المشكلات العالقة من جانب آخر، لاسيما بعد نجاح العراق في جعل القمة الثلاثية مع مصر والاردن مجالا فاعلا لفضاء عربي او اقليمي، له أهلية أن يكون نقطة جذب لحوارات موسعة، يلتقي فيها الاقتصادي مع السياسي والثقافي والأمني، ولمعالجة قضايا ظلت عالقة، أو مؤجلة، ولاسباب معروفة وغامضة، والتي اعطت للدول الكبرى وغيرها فرصا للتدخل في الشؤون الداخلية في هذا البلد او ذاك، او في خلق سياسات محاور وخنادق، والنظر إلى مشكلات المنطقة من خلال اجندات مريبة، لها تأثيرها في طبيعة المنطقة، وهويات مكنوناتها وسيادة دولها، فضلا عن تأثيرها السلبي في حيثيات الصراع العربي الاسرائيلي، واستمرار الاحتلال في سياساته العدوانية، التي جعلت من دول المنطقة امام الحاجة لبلورة مواقف، واتخاذ سياسات عقلانية لمواجهة تحديات اخلاقية وسياسية وامنية كبيرة.

زر الذهاب إلى الأعلى