مدارس الفرح النموذجيَّة
كتب وليد خالد الزيدي: التربية والمعرفة ينبوعان أساسيان لمبادئ الحرية الإنسانية، ودافعان مهمان للفضيلة والسلوك السوي، وإن الحرث في حقل العلم يدفع بشكل مباشر نحو أفضل الفوائد للفرد والمجتمع على حد سواء، فكل إضافة تقدم عليها الحكومات في هذا المجال، هي معين حقيقي للقوة الإنسانية والبناء الشخصي السليم، الذي يريده الزعماء، حينما يفكرون في رقي بلدانهم وسموها نحو قمم المجد ودرجات النجاح.
لذا فإن قيمة التربية أهم ما تخطط له الدول في البناء الوطني، فتؤسس لذلك المدارس والمؤسسات المتعلقة بها، ولدينا في الوقت الحاضر بوادر مشهودة، لا مناص من الإشارة إليها حتى نكون في موقع المتابع المتجرد والشاهد المنصف لما يجري في بلدنا من حراك حكومي، على طريق تنفيذ فقرات برنامج غني في البناء الإنساني ونشاط قطاعي تربوي بنيوي مهم وضروري، تم تنفيذه من قبل رئاسة الوزراء وتحت لواء المؤسسة الحكومية القطاعية، ومن خلال تضمين الجانب التربوي مدارس خاصة بفئة الأيتام، أطلق عليها مدارس الفرح النموذجية في خطوة غير مسبوقة على مدى أكثر من عشرين عاماً مضت.
مدارس الفرح النموذجية التفاتة مهمة تؤشر بما لا يقبل الشك الاهتمام الحكومي، ورعاية رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، لقطاع التربية وتعزيز قيم التعليم هذا من جانب، ومن جانب آخر استقطاب التلاميذ الأيتام من مختلف المناطق وفي تجربتها الأولى على قاطع تربية الرصافة الثانية، باعتباره يضم مناطق كثيفة السكان تكثر فيها نسبة الأطفال الأيتام لا سيما أبناء الشهداء وضحايا الإرهاب بسن التعلم، وفئات مجتمعية أخرى بحاجة إلى الدعم الحكومي والرعاية الخاصة.
وكذلك أهمية بناء جيل متعلم مترب على قيم مجتمعية حقيقية راسخة ومفاهيم علمية ناجحة تجسد تمسك المجتمع بالجيل الناشئ الواعي، لضمان ديمومة الحياة ورسم طريق المستقبل الزاهر وتهذيب صحيح، بعيداً عن الانخراط في منزلقات واهية وثقافات دخيلة على مجتمعنا قد تلزمنا دفع صكوكاً باهظة الثمن، قد لا نستطيع الإيفاء بها مستقبلاً، ونندم على مرورها في وقت كان بإمكاننا الحد منها، وزرع بذرات طيبة ليكون الحصاد منها خيراً وفيراً، بدلاً من أن يكون عواسج تحت أقدامنا تعرقل مسيرتنا نحو بر الأمان.
تأسيس تلك المدارس يعد مشروعاً وطنياً مهماً وضرورياً في ظروف بلدنا الحالية، لكونه سيحقق جملة من غايات سامية وأهدافاً نبيلة منها، الحد من حالات تسرب بعض التلاميذ الأيتام من المدارس بسبب الفقر والعوز، الذي تعاني منه كثير من الأسر، ذات الدخل المحدود والتي دائماً ما تثقلها تكاليف انخراط أبنائهم في الدارسة هذه الأيام، مثل توفير الكتب والقرطاسية والزي المدرسي، وخطوط النقل والتي ستتكفل بها مدارس الفرح النموذجية والتغذية المدرسية ضمن برامجها المعدة، فضلاً عن رعاية خاصة للمنخرطين فيها ودروس نموذجية ومتابعات مستمرة وإشراف تخصصي.
كما أنه يعد حلقة قوية لأهمية شعور الفرد العراقي بالانتماء، لوطن يضمه بعناية وحكومة ترعاه بهمة، فيكون له دعم نفسي واعتباري، يعيد ثقة هذه الأسر والأيتام بالدولة ويشجع على مواصلة التعلم والتفوق أسوة بأبناء الأسر الميسورة، ولكي لا يكون التعلم والتفوق حكراً على أبناء الأغنياء فحسب.