الحكيم: حكومة الكاظمي بحاجة الى إسناد ودعم شعبي وسياسي لإكمالها وترسيخها
حذر السيد عمار الحكيم، اليوم الجمعة، من انهيار النظام السياسي مع استمرار التوافقية والتنصل من المسؤولية في الفشل، فيما أشار إلى أن حكومة الكاظمي بحاجة الى إسناد ودعم شعبي وسياسي لإكمالها وترسيخها.
وذكر الحكيم، خلال كلمته في تجمع جماهيري بمناسبة شهر محرم الحرام وسط العاصمة بغداد، تابعها “العراق أولا”، أن “العراق تعرض خلال تأريخنا الحديث الى أبشع وأسوأ الأجندات والمخططات الداخلية والخارجية. بهدف تفكيك اللحمة المجتمعية وتقسيم البلاد جغرافيا وعرقيا ومذهبياً. ولكن أبناء شعبنا خرجوا من كل تلك البلايا والمحن والامتحانات مرفوعي الرأس، منتصرين، ظافرين واثقين”.
وبين، أن “العالم يتغير والمنطقة تتغير والظروف باتت ملائمة لإحداث التغيير الإيجابي في عراقنا”. مشدداً على “ضرورة أن نستثمر هذه الأجواء فيجدر أن يعيد الجميع حساباتهم في إعادة تقييم الواقع وصياغة مشهد جديد للحياة”.
ودعا الحكيم، الى “التجديد معا، الأفكار والخطاب والأساليب والأدوات. ولنخلق معا ومن دون استثناء أجواء جديدة لنهضة جديدة ودولة جديدة ومستقبل واعد وزاهر”.
وأردف بالقول: “لقد اخترنا طريقنا منذ اليوم الأول في العمل السياسي، وهو طريق معبد بدماء المجاهدين. والقادة المضحين لإنقاذ العراق، وشعبه من دكتاتورية الاستبداد وعبث الإرهاب وفوضى الفساد. وما زلنا على هذا الطريق ولن نحيد عنه”.
وأشار إلى أنه “منذ أحداث تشرين عام ٢٠١٩ كان لنا موقفٌ واضحٌ، وقلنا حينها إن المشهد السياسي في العراق يعاني من انسداد حقيقي. وأننا بأمس الحاجة الى تغيير فاعل يلمسه الشارع العراقي بفئاته المتعددة، وعلى غرار ذلك تشكلت حكومة مصطفى الكاظمي لأداء مهمتين رئيستين هما إعادة هيبة الدولة. وإجراء الانتخابات المبكرة في مناخ آمن ونزيه يُمكّن جميع العراقيين من اختيار من يمثلهم في حكومة مقتدرة ودولة قوية”.
وشدد، على أن “أي تهاونٍ بشأن هاتين المهمتين وعلى رأسهما مهمة إجراء الانتخابات المبكرة مهما كانت الهواجس.سيكون وخيماً، فصندوق الاقتراع هو الحل السلمي الوحيد في إجراء التغيير والإصلاح المنشود، والتراجع عن ذلك يعرض أمن العراقيين. ومستقبل الدولة الى المجهول ويجعلنا امام احتمالات مظلمة لا سمح الله”.
وطالب الحكيم، جميع القوى العراقية الوطنية التي أعلنت انسحابها من الانتخابات وفي مقدمتهم السيد مقتدى الصدر. والأحزاب والقوى الوطنية الشبابية والمدنية. الى “إعادة النظر في قرار الانسحاب والعودة الى المشاركة الفاعلة في الانتخابات”.
ولفت الى أن “الدماءَ التي سالت في ساحات الحراك الشعبي والاحتجاج على سوء الخدمات. والبطالة لا تستحق الاستهانة بها واستخدامها ذريعةً للابتزاز السياسي والمكاسب الخاصة”. مؤكداً أن “هذه الدماء الطاهرة التي سالت من شبابنا وهم يصدحون بحناجرهم الوطنية مطالبين بأبسط حقوقهم تلك الأصوات الوطنية كانت تريد دولة قوية. وحكومة قادرة تحفظ لهم كرامتهم، فالتمثيل الانتخابي السابق لم يحقق لهم ذلك. لذا طالبوا بإجراء انتخابات مبكرة لمحاسبة المقصرين عبر صناديق الاقتراع”.
وأشار إلى أن “الانتخابات المبكرة أصبحت مطلبا شعبيا ولابد من إجرائها في موعدها المحدد وحينها يعرفُ كل من يمثل الساحة السياسية حجمه الحقيقي.. وليتحمل مسؤولية الإخفاق والتقصير ليختار الشعب من يمثل تطلعاته. وتحقيق مستقبله الذي يليق بالعراق والعراقيين”. داعياً الى “عدم اغلاق أبواب التغيير السلمي على شعبكم فللصبر حدود وللطالب حقوقا يأخذها ولو بعد حين”.
ونبه، بأن “النظام السياسي في العراق ما زال يتعرض الى معرقلات ومعوقات باتت مقيدةً لنموه وتطويره. وأبرز هذه المعوقات هو الفساد السياسي المتمثل في إضاعة الفرص وهدر الطاقة الإيجابية البناءة”.
وأكد: “لسنا عاجزين ولسنا بهذا الفقر في الرجال والهمم وإرادة البناء هناك الكثير من الرجال والنساء المخلصين. والأكفاء في أرض الرافدين وما نعانيه هو غياب شجاعة المسؤولية في تحمل القرار والمضي فيه”.
وشدد قائلاً: “نحتاج الى الإصرار والاستمرار في تنفيذ الإرادة الوطنية. ولا يمكن بناء الدولة من دون محاسبة ومعاقبة من يستهدف هيبة الدولة وسيادة قانونها، ولا يمكن تشكيل حكومة مقتدرة من دون انتخابات حرة ونزيهة. ولا يمكن تحقيق الخدمات من دون محاسبة المقصرين والفاشلين وقطع الطريق عليهم”.
وتابع: “لا يمكن حفظ كرامة المواطنين وأمنهم من دون اعتقال المجرمين والقاتلين في وضح النهار. ولا يمكن تشغيل المصانع وازدهار الزراعة وإنعاش الاقتصاد من دون محاكمة الفاسدين وسُراق المال العام. وما نعانيه هو التردد وعدم اتخاذ القرار وتحمل المسؤولية”.
واستطرد بالقول: “إذ نؤكد حتمية الانتخابات وأهميتها فلابد من التذكير بأن هناك اجتماعات دورية للرئاسات. وهناك اجتماعات متواصلة لقادة الكتل السياسية، وهناك اجتماعات يومية لمفاصل مهمة وحساسة في الدولة. والجميع ينادي بالإصلاح والتغيير. أين الخلل إذن؟ ولماذا لا تكون هناك سرعة في اتخاذ القرار؟ ولماذا لا توجد جرأة في التنفيذ والمتابعة؟”.
وبين “كل ذلك لأنهُ لا توجد جهة محددة في المسؤولية، والجميع يحاول التنصل من مسؤولية الفشل او الخطأ”.
وحذر من أن “هذا النظام السياسي اذا استمر في لغته التوافقية وتعميم الفشل وعدم تحديد جهة المسؤولية. سينهار حتماً، وإني أُحذر من انهياره إن لم تكن هناك معالجات جادة ومسؤولة. اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد”.
وبشأن المرحلة المقبلة، قال الحكيم، إنه “لابد أن يكون هناك تياران في دعم الدولة. أحدهما تيار الحكومة الذي يبدأ منذ اليوم الأول في تشكيل الحكومة، والثاني تيار المعارضة الذي يأخذ على عاتقه تقويم الحكومة عبر أساليب. وآليات الديمقراطية ضمن سقف القانون، ولا يمكن مشاركة الجميع حتى لا تُعوَّم معايير المحاسبة، فهناك من يتحمل مسؤولية التنفيذ. وهناك من يتحمل مسؤولية التقويم”.
واضاف “ولابد من إنهاء جدلية إتهام مؤسساتنا الأمنية وأبرزها الحشد الشعبي. وتجريم كل من يتعدى على هيبة الدولة وإيقاف إتهام المخلصين من جميع صنوف قواتنا المسلحة”.
وجدد الحكيم، دعواته السابقة الى “جلوس الأشقاء في دول الجوار وفي مقدمتهم (العراق وإيران والسعودية وتركيا ومصر). وغيرهم من دول المنطقة على طاولة حوار جاد خدمة لمصالح شعوبنا في حاضرهم ومستقبلهم”.
واستدرك بالقول: “إننا أمام مرحلة مهمة وحاسمة من تاريخ العراق الحديث. اما أن نكون أمام دولة قوية وحكومة جريئة قادرة على تحقيق تطلعات العراقيين. وإما أن نكون أمام مستقبل مجهول يعرض الجميع الى مخاطر حقيقية”.
ر.ك