الدرس الحسيني
كتب حميد طارش: يذكرنا التاريخ بأحداث جسام للخلاص من منعطفاته الخطيرة ليلهمنا الدروس والعبر عن خطر الغرق وخطر الفساد، وأي غرق أنه الطوفان الذي يبتلع كل ما على الارض، كالغرق والحريق! المتضيدان اللذين يجتمعان علينا اليوم لإنهاء الحياة بسبب جشع الانسان كما كان في طوفان نوح.. والسخرية ذاتها التي طالت نوح والتي لم يسلم فيها من ولده. وغرق وحرق دول بأكملها اليوم يواجه بجشع أكبر أمام ثلة ضعيفة ليس فيها نوح والسفينة.
واما الفساد فهو الوجه الأقبح لجشع الانسان وبه تنتفي العدالة ويسود الحرمان والجوع والخراب، لذلك يذكرنا التاريخ عبر ثلّة من رموزه العظيمة التي وقفت بوجه الفساد في ظل معادلة لم تتحقق فيها أدنى مستويات التوازن، فكان الرهان فيها على الموت في سبيل إيقاظ الناس من سباتهم بعد عجز الكلمة. وهذا ما تجسد بالامام الحسين عليه السلام الذي أراد بثورته أن تكون شاملة لتضيء التاريخ، فأشرك في ثورته المرأة والرجل والطفل والكهل والعربي والاعجمي والمسلم وغير المسلم، ولم يقتصر على مذهب واحد من المسلمين، اذا سلّمنا بتعدد المذاهب في عصره، لذلك أسوأ ما يواجه رسالة الحسين ودرسه الملهم هو تحجيمه في إطار مذهب واحد أو دين واحد أو قومية واحدة. ولعل مقولة محرر الهند غاندي تؤكد وهج الثورة حيث يقول “تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر”.
وهكذا قيل الكثير من قبل مفكرين ينتمون لمختلف الامم والاديان.
وقد أعلن الحسين هدف ثورته قائلاً “إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي..”، اذن الاصلاح وليس سواه. الاصلاح الذي سيظل العبق الزكي لتلك الثورة الذي ستنهل منه الامم والافراد. فالاصلاح لم ولن يكون متكاملاً ما لم يكن على مستوى الفرد شخصياً وعلى مستوى الامة.
أما التحديات الأخرى لدرس الحسين فهي عديدة لكن أهمها، يكمن في استيعاب الدرس والعبرة التي ما زالت ضعيفة، اذا لم نقل معدومة، فضلاً عن أن شحذ الهمم على استنطاقها كسلوك ومنهج حياة دون المستوى المطلوب بكثير. واما التحدي الأسوأ فيتمثل بشيوع الفساد والخراب وغياب الاصلاح في أمة من دون حسين.