برنامجك الانتخابي عقد أخلاقي أولاً
كتب نوزاد حسن: وأنا أطالع برامج المرشحين على اختلاف انتماءاتهم السياسية. أتساءل إن كان أحد هؤلاء المرشحين فكر في قضية بسيطة جداً: وهي عدم تحقيق أي من أحلام الناخبين الذين أعطوه أصواتهم في حالة فوز أحد المرشحين ودخوله إلى البرلمان. وهو يحمل كل المطالب التي رفعها ووعد بتطبيقها. هل هي مسألة طبيعية أن ينسى المرشح برنامجه حين يصبح نائباً.
أننا نعرف جميعا الانطباع الشعبي الذي تكون لدى المواطنين طيلة الاعوام السابقة. يظهر المرشح وهو يقدم بعض الخدمات والمساعدات، وبعد فوزه لا يراه احد. هذا هو ما نعرفه وما نعيشه منذ سنوات.
الصورة البدائية
أكره الصورة البدائية التي أراها كل أربعة أعوام. يقوم المرشح بتبليط شارع او توزيع بعض المساعدات مقابل الحصول على اصوات اضافية تفيده في الوصول الى البرلمان. هذه العملية تشبه اسلوب المقايضة القديم. كيس من الشعير مقابل كيس من الأرز.
قديما كانت الحياة البسيطة تجرى بهذا الشكل، لكن أن يستمر الحال كما كان في السابق فهذا ما لا يمكن قبوله. إذ من الممكن مقايضة سلعتين أحداهما بالأخرى لحاجة الطرفين اليها. لكن أن يتطور الامر فيكون اسفلت الشارع مقابل صوتي، فهذه المقايضة غير عادلة ابدا. أنا لا أتحدث عن نكتة وانما واقع نراه ونعيشه وما زال يتكرر في تفاصيله المملة.
لأقل أننا نطبق نظاماً بدائياً جداً يحصل به أحد الطرفين وهو المرشح على امتيازات لا تقارن قياسا بمبلغ الأسفلت. والمبالغ الاخرى، التي صرفها.لا مقارنة بين ما حصل عليه الناخب المسكين وبين ما سيحصل عليه الشخص الذي سيصبح نائباً في البرلمان. نحن أمام معادلة غريبة جدا. وفي النهاية سيكون كل البرنامج الانتخابي مجرد شعارات تصطدم بالواقع السياسي وصراع الأحزاب في ما بينها.
أنا أفهم البرنامج الانتخابي لا كما يفهمه اكثر المرشحين. البرنامج الانتخابي هو قبل أي شيء عقد أخلاقي يقطعه المرشح على نفسه بأنه سيحققه لمن انتخبه.
وهذا العقد لن تنتهي صلاحيته بل سيكون ملزماً لمن يرفعه. ولا يمكن أن يتخلى النائب عن عقده الأخلاقي من طرف وأحد ويقرر تركه وعدم تطبيقه. هنا تكمن كل مشكلة السياسة عندنا. انها فسخ العقد من طرف واحد هو المرشح بعد أن يكون نائباً.