أخر الأخبار

بغداد قبلة السياحة العربيَّة

كتب علي الخفاجي: تعتمد الكثير من الدول على السياحة كمصدر دخل رئيس، لما لهذا القطاع المهم من دور بارز في التنمية والتطوير، ويتم ذلك من خلال اعتمادها على صناعة السياحة.

 

حيث اليوم أصبحت الدول لا تكتفي أو لا تعتمد على ما متوفر بها من معالم طبيعية أو مراكز أثرية أو مرافق سياحية فحسب، بل تعمل كثير من الدول على صناعة هذا المرفق المهم، وبالتالي تنويع اقتصادها وزيادة عائداتها المالية، من خلال تنظيم الأحداث العالمية في شتى المجالات، واستقطاب جميع النشاطات التي من شأنها التعريف بذلك البلد ونشاطاته، وكذلك توسيع وتنويع المرافق السياحية، حيث تجعل من تلك البلدان مراكز جذب للسياح، لما تمتلكها من معالم تؤهلها لأن تكون بيئة جاذبة.

يذكرُ لنا الكاتب والمؤرخ العراقي الكبير سيار الجميل، في إحدى لقاءاته وهو يتحدث عن حقبة ما قبل الميلاد والحضارات القديمة، ومن خلال كلامه بدأ بتقسيم التاريخ القديم حسب وصفه إلى تاريخ دعائي (ترويجي)، وتاريخ خامل أو مسكوت عنه، واسترسل بالكلام وأخذ يعقد مقارنة بين الحضارتين المصرية والعراقية القديمتين ويقول: استخدم المصريون القدامى نهج الدعاية للترويج عن حضارتهم (الحضارة الفرعونية) وعن إنجازاتها والأمور التي قاموا بها في مختلف نواحي الحياة، واستمرت هذه الصفة ملاصقة للمصريين بتكوينهم، فهم بارعون بالترويج والإعلان عن أي منجز أو أي عمل فني أو سياسي أو أي شيء آخر بطريقة احترافية إلى يومنا هذا، على عكس العراقيين، فهم ومنذ القدم ونتيجة طبيعتهم البايولوجية وعوامل عديدة، أمسوا غير قادرين على الترويج لحضاراتهم، فمن السومريين مروراً بجميع الحضارات، التي نشأت على أرض بلاد ما بين النهرين، لم نجد الطريقة المثلى للتسويق أو الترويج عنها وعن الإنجازات المتحققة إلا القليل، واستمر الحال هكذا إلى هذا اليوم.

اليوم وبعد محاولات كثيرة من قبل المسؤولين عن قطاع السياحة في العراق، وبعد الجهود المضنية التي بذلت من قبل وزارة الخارجية العراقية والبعثات الدبلوماسية، أعلنت المنظمة العربية للسياحة عن اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية بدورتها الحالية 2025، ونعتقد بأنهُ خير ما فعلت المنظمة العربية على هذا الاختيار، لأن الفترة المظلمة التي عاشها العراق على مدى أربعين عاماً، جعل منه بيئة منعزلة عن العالم من جميع النواحي الاقتصادية والسياسية والثقافية والسياحية، حيث أدى ذلك الانعزال إلى انقطاع الوشائج والأوصال بينه وبين دول العالم، وحسن ما فعلت تلك المنظمة وبجهود حكومية مضنية أن تكون خير داعم لهذا الحدث المهم.

وهنا ولغرض المضي بهذا القطاع الحيوي وإنعاشه وجعله مصدراً رئيسياً من مصادر الدخل المحلي، لا بد من السعي وبأقصى الإمكانيات إلى جعل العراق والعاصمة بالتحديد قبلة للسياح من شتى الدول، حيث أن هذا الأمر لا يقتصرُ على وزارة أو جهة بعينها، بل بتضافر الجهود وتعاون جميع الجهات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية وبمختلف القطاعات، وأن يتم الترويج لهذا الحدث خير ترويج من الدعم من خلال وسائل الإعلام المختلفة، وبما أن البلد اليوم يشهدُ استقراراً سياسياً وأمنياً ملحوظاً، على الحكومة أن تستثمر هذا الأمر المهم وأن يكون فرصة للانطلاق لما هو أفضل، من خلال العمل الدؤوب لتحسين القطاع السياحي في العراق، لما يتمتع به البلد من موقع جغرافي مميز.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى