’تفويض العصمة’ يقلب المعادلة ويمنح المرأة تطليق نفسها
لكن القاضي عبد الله حسن خلف الحبيب وهو قاضي أحوال شخصية في صلاح الدين لا يجد أن هذه الحالات منتشرة في محافظته، معللا ذلك بطبيعة “الحالة المادية للأفراد والنسيج الاجتماعي والطبيعة القبلية”.
وفي تعليق لـ”القضاء”، تابعه “العراق أولاً”، يقول إن “الأصل في القانون العراقي أن الطلاق بيد الزوج والاستثناء أن يكون بيد الزوجة إذا وكلها به الزوج أو فوضها به القاضي استناداً إلى صراحة المادة الرابعة والثلاثين/ أولا من قانون الأحوال الشخصية”، لافتا إلى أن “هذا التفويض لا يسقط حق الزوج في الطلاق لان التفويض ليس تنازلا”.
وتروي المواطنة شروق محمد (41) سنة كيف اختارت أن تكون العصمة بيدها قائلة “بعد زواج دام عقدا كاملا لم أرزق بأطفال، ولعدة أسباب أخرى تفاقمت مشاكلي مع زوجي وفي كل مرة يقع الطلاق، وبعدها يعدني بتغيير الحال إلا انه لا جدوى، تعود المشاكل ذاتها”.
وتواصل قصتها “في المرة الأخيرة حدث خصام كبير وانفصلنا رسميا بعدها طلب العودة وقدم الوعود والضمانات إلا أني كنت متأكدة من عدم جدوى زواجنا، لذا طلبت أن تكون العصمة بيدي وهو لإثبات حسن النية، فوافق، وكان ذلك بمشورة من صديقتي التي رأتها في احد “الأفلام المصرية” –كما تعبر- وبالفعل تنصل عن وعوده واضطررت إلى تطليق نفسي منه”.
من جهته، يبين المحامي صفاء اللامي أن “الحالة موجودة من القدم، لكنها بشكل نادر لأن اغلب الأزواج يرفضون أن تكون العصمة بيد الزوجة ولأن الزوج أيضا صاحب ولاية على زوجته وشؤونها ورعايتها وكذلك من جهة المجتمع الذي لا يتقبل بسبب ذكورته وعاداته وتقاليده”.
ويؤكد المحامي أنه “لا يوجد نص قانوني أن تكون العصمة في يد الزوج فقط، فليس هناك مانع أن تكون بيد الزوجة ولكن المتعارف عليه والمعمول به هو أن العصمة بيد الزوج، لكن ليس غريبا أن تطلب الزوجة ذلك بسبب الكثير من حالات تمادي الأزواج الموجودة في المجتمع”.
ويوضح اللامي في ما يخص الطلاق أن “الإجراءات هي نفسها في حالة تطليق الزوج لزوجته ولا يوجد نص قانوني يحدد هذا الشيء وللقاضي ان يجتهد من تلقاء نفسه، لكن في الغالب يرجع إلى قرارات محكمة التمييز أو العرف أو الفقهاء، فيما إذا ما كان لها الحق -أي الزوجة- في أن تطلق غيابيا او رجعيا أو أن يتنازل الزوج عن حقوقه، فهو ليس له حقوق عليها، بل هي من لها الحق في هذا، فحالات الطلاق في قوانين الدول العربية المجاورة تختلف عما هي عليه في العراق ففي مصر الزوجة تجهز نفسها فبالتالي عليها حقوق”.
ويضيف اللامي أن “لمحكمة التمييز الاتحادية القول الفصل في الحقوق التي تستحقها الزوجة اذا وقع الطلاق بينها وبين زوجها سواء أكانت العصمة بيدها ام بيد زوجها بغية المحافظة على التماسك والنسيج الاجتماعي”.
ويقول القاضي احمد جاسب من محكمة الأحوال الشخصية في بغداد الجديدة إن “العصمة بيد الزوجة تعبير اجتماعي عرفي أكثر منهُ تعبير قانوني او فقهي. والتعريف القانوني المطابق للقانون والفقه لحق الزوجة بطلاق نفسها يأتي من طريقين هما التوكيل او التفويض”.
ويذكر أن “المادة الرابعة والثلاثين/ أولا من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 نصت على ان (الطلاق رفع قيد الزواج بإيقاع من الزوج أو من الزوجة إن وكلت به أو فوضت أو من القاضي ولا يقع الطلاق إلا بالصيغة المخصوصة له شرعاً)”.
وتشير لفظة “وكلت أو فوضت” إلى ما يسمى “العصمة بيد الزوج” من الناحية العرفية. وان النص المذكور لم يبين نوع الطلاق الذي توقعه الزوجة تفويضا او وكالة هل هو رجعي ام بائن وترك ذلك لرأي المذاهب الإسلامية، بحسب القاضي.
ويشير القاضي إلى أن “المشرع العراقي في الفقرة الثانية من المادة المذكورة منع إيقاع الطلاق بالوكالة أمام المحكمة واستثنى الزوجة من ذلك إذا كانت وكيلة في طلاق نفسها”.
ويعرج على أن “طلاق الزوجة لنفسها إذا كانت موكلة او مفوضة به يقع كأصل طلقة واحدة إذا فوضت بذلك وان المذاهب الإسلامية الأربعة أجازت التفويض المطلق للزوجة أما الإمامية فلم يجوزوا تفويض الزوجة بالطلاق مطلقاً وقالوا بجواز أن تكون الزوجة وكيلة بطلاق نفسها بحالات معينة او مطلقاً على تفصيل فقهي”.
وعن تطبيقاته العملية، يقول “توجد حالات نادرة جداً في محاكم الأحوال الشخصية في بغداد الجديدة بخصوص توكيل الزوجة أو تفويضها بطلاق نفسها، فهي نادرة جداً”.
وفيما يخص الحقوق، يفصل القاضي أن “الطلاق الواقع من قبل الزوجة تفويضاً او وكالة لا يؤثر في حقوقها بالإجمال إلا انه يمكن أن يؤثر في بعض الحقوق التي منحها القانون للزوجة ومنها التعويض عن الطلاق التعسفي وحرمانها من حق السكنى في دار الزوجية استنادا إلى نص المادة الثالثة من قانون حق الزوجة المطلقة في السكنى رقم 37 لسنة 1983”.