حصانة الأمن الغذائي

كتب بشير خزعل: تراجع العراق إلى المرتبة الخامسة عشرة عربياً في تصنيف الأمن الغذائي بعد انحسار كبير للمساحات الزراعية والإنتاج الحيواني، هو خطر يهدد الدولة بمشاكل مستقبلية ستنعكس آثارها على الواقع الاقتصادي والاجتماعي للمواطن العراقي، ومع تزايد تطرف تأثيرات التغيرات المناخية كالجفاف وتلوث نهري دجلة والفرات والتجاوزات الكبيرة على طول مجرى النهرين والهدر المائي المستمر، فإن أزمة شح المياه في خط بياني متصاعد وستتفاقم المشاكل إلى مستويات غير مسبوقة.

 

مخاطر مستقبلية تلوح في الأفق بعضها مدفوع بعوامل خارجية تارة بصورة التغيرات المناخية المتمثلة بالجفاف والتلوث وأخرى سياسية ترافقها الأزمات والحروب، وإذا تحدثنا عن المشاكل الداخلية التي تعد نصف المشكلة فأبرزها هو تراجع المساحة الخضراء والزراعية والصناعات الغذائية، واستخدام الأساليب البدائية في عمليات الري والإرواء، أغلب دول العالم استشعرت الخطر المقبل الذي بدأ يهدد حياة مواطنيها بسبب شح المياه، هذا التحرك الاستباقي الذي ذهبت إليه بعض الدول القريبة من العراق، مثل الإمارات التي احتلت المركز الأول عربياً و26 عالمياً، تليها قطر بالمرتبة الثانية في مجال تعزيز واستمرارية وديمومة الأمن الغذائي وجعله في مستويات مرتفعة.

لابد للعراق كدولة وحكومة أن تبحث عن استراتيجيات جديدة ونوعية أو مشابهة لتلك التي ذهبت إليها مثل هذه الدول، ولإبعاد مقدرات الشعب العراقي خارج دوائـر المساومات والنزاعات السياسية المحلية والإقليمية.

في جميع دول العالم يشكل الأمن الغذائي أهمية كبرى للنظام السياسي والاقتصادي وجزءاً حيوياً في ديمومة أمنها القومي، ضعف الاستثمارات في مجال الزراعة والصناعات الغذائية وتطويرها في العراق، أصبح ضرورة ملحة في ظل تداعيات مسالة انحسار المساحات الخضراء وتقليصها وتجريف البساتين المثمرة أو تصحرها بسبب الجفاف، خصوصاً وأن العراق يستورد أكثر من 92 % من احتياجه الغذائي من دول الجوار، بعد أن كان بلداً منتجاً للمحاصيل الزراعية والحبوب بأنواعها.

توفير فرص استعادة السيطرة على وضعنا الغذائي وضبط السياسية المائية بحاجة إلى خبرات فنية خارجية وداخلية ومشاريع استثمار كبيرة تتناسب مع حجم المشكلة وما موجود من بيئة واسعة ومتوفرة صالحة للإنتاج، لاسيما أن تلك المساحات الشاسعة التي يمتلكها العراق هي في الأساس أراض زراعية منتجة تعرضت للتجريف والإهمال، مسألة الجفاف والأمن الغذائي طرفا معادلة تشكل ناتج لا يمكن استثناء أحدهما دون الآخر للحصول عليه.

وعلى الحكومة أن لا يغيب عن بالها وخططها الآنية والمستقبلية، إن بقاء الوضع على ما هو عليه وعدم حصانة الأمن الغذائي بشكله الصحيح، سيؤدي إلى كوارث اجتماعية واقتصادية كبيرة تؤدي إلى خلل سينعكس ضرره البالغ سياسياً وأمنياً بشكل واضح لا لبس فيه.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى