دراسة تكشف عن آلية غريبة داخل العين وتتسبب بـ”عمى مؤقت”
كشفت دراسة مؤخراً، آلية غريبة في عمل العين لتقريب الأشياء وإيضاح الرؤية، لافتةً إلى حصول “عمى مؤقت” لا يمكن إدراكه في العين ويعمل كتلسكوب.
تعمل عين الإنسان بشكل مستمر على تعديل وإعادة تقييم ما نراه من حولنا، عن طريق سلسلة معقدة جداً من العمليات التي يجريها هذا العضو الدائري الفريد، الذي يوفر إحدى أهم حواس الإنسان.
ركز البحث الذي أجراه مجموعة من العلماء في جامعة روتشستر الأمريكية، على منطقة صغيرة جداً وحساسة لدى الإنسان يطلق عليها العلماء اسم (foveola) وهو جزء صغير من شبكية العين نستخدمه لرؤية التفاصيل الدقيقة فقط.
“foveola” تقوم بآلية مشابهة لـ”الفوكس” في الكاميرا
تقع “foveola” داخل منطقة تسمى البقعة، وهي جزء مخروطي مصفر مملوء بمستقبلات ضوئية، ويبلغ قطرها حوالي 0.35 مليمترا فقط وتقع في مركز النقرة وتحتوي فقط على خلايا مخروطية ومنطقة مخروطية الشكل من خلايا مولر، ويوجد فيها مستقبلات مخروطية أطول وأقل نحافة وأكثر كثافة من أي مكان آخر في شبكية العين، مما يمنح هذه المنطقة القدرة على الحصول على أعلى حدة بصرية في العين.
على سبيل المثال، عندما نبحث عن شخص ما بين حشد من الناس، أو نحاول رؤية علامة مرورية على طريق من مسافة بعيدة، فهذه هي النقطة التي نعتمد عليها بشكل اساسي.
العين تدخل بحالات “إعماء” مؤقتة
تقوم العين بحركات سريعة لا إرادية، تصنف من الحركات الدائمة، يطلق عليها العلماء اسم “microsaccades”، تشبه إلى حد ما الرعشة السريعة، وتحدث عادة أثناء تثبيت نظرنا باتجاه مكان محدد وتحدث عند أغلب الحيونات التي لديها نظام رؤية مشابه لعين البشر، مثل الكلاب والقطط وغيرها.
وأشارت الدراسة الجديدة التي نشرت نتائجها في مجلة ” PNAS“ العلمية، إلى أن هذه الحركة الدقيقة والصغيرة جدا والتي لا يشعر بها الجميع مسؤولة عن “تعطيل رؤيتنا بشكل مؤقت”، والتي يبدو أنها تعمل بشكل عام على تحسين الرؤية وليس العكس.
“عمى مؤقت” يعمل على تحسن الرؤية
ويظهر بحث جديد كيف أن هذه التحولات التي تحدث في تلك المنطقة تنطوي أيضا على فترة وجيزة جدا من “العمى” عندما يتم حظر رؤيتنا تلقائيا.
“لاحظنا أن رفة العين الدقيقة مصحوبة بفترات وجيزة من التثبيط البصري حيث نكون مكفوفين بشكل أساسي”، أي أن الإنسان يصاب بالعمى في هذه الفترة بشكل كامل إن صح التعبير.
وتتابع الباحثة: “تظهر نتائجنا أن مركز النظر يخضع لتعديلات جذرية وسريعة في كل مرة نعيد فيها توجيه رؤيتنا”، وتتم هذه التعديلات في الفترة التي تدخل فيها العين مرحلة “العمى” المؤقت هذه.
اعتبر العلماء أن هذه العملية مثل عملية تدوير تلسكوب للحصول على رؤية واضحة للمنطقة، حيث تصبح العين خلال هذه العملية عمياء مؤقتا أثناء هذه التحولات الكبيرة في النظرة، مثل النظر من وإلى شاشة الكمبيوتر، وقد تم توثيقها بالفعل وإعطاؤها اسم “saccadic suppression”.
حاول ستة متطوعين في الدراسة، خلال تجربة عملية، البحث عن “براغيث” تقفز على “رقعة من الفراء” على شاشة الكمبيوتر. كان المتطوعون في الواقع ينظرون فقط إلى النقاط الموجودة على خلفية مصممة من أشياء طبيعية تحاكي فرو حيوان، لكنهم ضغطوا على زر على لوحة التحكم بمجرد أن شاهدوا “البراغيث” تقفز.
استخدم العلماء ماسحا ضوئيا للعين لتسجيل هذه الرفة في العين لدى المشاركين أثناء نظرهم إلى “البراغيث”، ولاحظوا أن المتطوعين لم يتمكنوا من رؤية البراغيث الرقمية مباشرة قبل وبعد تحويل نظرهم بشكل مباشر وحتى عندما كانوا ينظرون مباشرة إليها، إلا بعد رفة العين.
وتقول إنتوي: “من المحتمل أن يحدث هذا الفقد القصير للبصر حتى لا نرى صورة العالم تتغير كلما حركنا أعيننا، أي أن العين تقمع عملية الإدراك، وبذلك يكون نظامنا البصري قادرا على إنشاء تصور ثابت”.
وكشف مسح العين أن الرؤية تحسنت بسرعة في مركز العين بعد هذه النوبات القصيرة من العمى، ثم استمرت في التحسن بشكل عام بعد هذه الرفات.
ـــــ
“في مختبرنا لدينا أدوات عالية الدقة لدراسة الرؤية على هذا النطاق الصغير، بينما ركزت الأبحاث الأخرى تاريخيا على المناطق المحيطية بالعين، حيث لا تكون الدقة مطلوبة”.
وتحدث هذه اللحظات الصغيرة من كبت الرؤية بسرعة كبيرة لدرجة أن الإنسان لا يدرك حدوثها، ولا يدرك جميع تحولات النظرة المجهرية التي تحدث أثناء نظره إلى ما حوله.