سيوف الصهيونيّة العالميّة

كتب ايمن أحمد علوش.. ما أن اختارت دولة الكيان الصهيونيّ عنواناً لعمليّتها العسكريّة ضد الشعب الفلسطيني حتى سارعت الصهيونيّة العالميّة إلى تبنّي هذا العنوان فجعلته منهج سياستها ضد أحرار العالم، واستنفرت كلّ أذرعها وأدواتها لتحقيق هدفها.

عمليّة “السيوف الحديديّة” سرعان ما توزّعت سيوفاً في أيدي الصهيونيّة العالميّة، وسرعان ما وجدناها تُرفع فوق رقاب الأحرار مهدّدة ومتوعّدة كلّ من لا يرى الأشياء بعين الصهيونيّة العالميّة.

الرئيس الأمريكيّ جو بايدن يتحوّل إلى ناطق كذب وكفر، لتتبنّى مؤسسة الإعلام العالمي التي تهيمن عليها إمارة الشر كذِبَهُ، وهو بفعله هذا إنّما كان يحرّض أيضاً على القتل، وما قَتلُ الطفل ذو الأعوام الـ ٦ في الولايات المتّحدة على يدّ كارهٍ للمسلمينإلّا نتيجة لافتراءاته وخطاباته العنصريّة.

كذبَ بايدين فجعل القاتل ضحيّة المقتول. نعت المقاومة بالإرهاب وشبّهها بداعش، واتهم المقاومة بذبح الأطفال وقتلِ المدنيّين، فتصدّرت أكاذيبه محطّات التلفزة وعناوين الصحف الكبرى في دول الاستعمار القديم الجديد … عناوين تقلب الحقائق على الأرض، فبات الاحتلال الذي يتفنّن في طرق الإبادة والقتل والتشريد والإجرام ضحيّة الشعب الذي يعاني من احتلاله. لقد استنفروا كلّ أدوات الشر فشوّهوا الحقائق بطريقة ممنهجة، فأصبح المقاوم الفلسطيني إرهابيّاً داعشيّاً، وأصبح كلّ من يتعاطف مع المقاومة “دعاة نشر العنف والكراهيّة” واتهمتهم بـ “معاداة الساميّة” وبأنّهم في مواقفهم إنما يستدعون النازية والهولوكوست بأبشع صورها.

واكبت شبكة الانترنت بمحركات البحث الأساسيّة ومعظم مواقع التواصل الاجتماعي مهمّة المؤسسات الإعلاميّة الصهيونيّة، فغاب اسم فلسطين، وقطعوا التواصل بين الأصدقاء إلى حدوده الدنيا، ومنعوا المشاركات التي تعكس ما يدور على الأرض في أبشع قطع لعنق الحقيقة. لقد جرّموا الإنسانيّة فبات التعاطف مع القتلى دعم للإرهاب، والانتصار للمظلوم استدعاءٌ للهولوكوست، ونصر المحتلّ جريمة تعاقب عليها “قيم الديمقراطيّة” الغربية العفنة.

رفعوا سيوفهم حتى على مواطني دولهم، فمنعوا التظاهر الذي ينتصر للشعب الفلسطيني، وهدّدوا من التعاطف مع آلامهم وعذاباتهم، وتوعّدوا بالفصل من الجامعة او العمل كلّ من يمارس إنسانيّته تجاه شعب أعزل يُقتل بأسلحة أمريكيّة محرّمة دولياً، سواءً الارتجاجيّة أو المحملّة بالفوسفور الأبيض، أو من يعبّر عن قناعته تجاه أعدل قضيّة على سطح الأرض. لقد انتشرت سيوفهم فوق الكلمة الحرّة ومارسوا ماضيهم الاستعماري في تقطيع أوصالها.

في إعلامهم الجائر وسياساتهم العنصريّة إنما سفكوا دماء كلّ من تسوّل له نفسه أن يكون إنساناً، أو أن يعبّر عن إنسانيّته، حتى ولو كان تعاطفه مع من قُتل من عائلتهِ أو أهلهِ أو أصدقائهِ في فلسطين المحتلة، وطال الأمر حتى اليهود في الولايات المتحدة الذين تظاهروا منددّين بعمليات القتل التي يمارسها الكيان ضد المدنيّين.

سارع وزير الخارجيّة الأمريكيّة إلى زيارة دولة الكيان حاملاً سيف يهوديتّه بيد وسيف صهيونيّته بيده الأخرى، ولحق به وزير الدفاع، وبدأ الاثنان يضربان بسيوفهم يميناً ويساراً تحذيراً وتهديداً ووعيداً لكلّ من ينتفض أو يتعاطف أو يواسي شعباً يُقتل على أيدي سيّافيه.

تابع بلينكن جولته العربيّة والسيفان في يده، فهدد وتوعّد، ولا يمكن القول أنه فشل في جولته، فمواقف الدول التي مرّ بها، وإن كانت قد تباينت، لم ترقَ أبداً إلى مستوى ما تتطلّبه معاناة الشعب الفلسطينيّ على يد محتلّ على مدى عقود، أو جرائم الإبادة العنصريّة التي انتهجها هذا المحتلّ، والتي تتجلّى هذه الأيام في أبشع صورها من خلال محاصرة غزّة وقتل المدنيّين وتدميّر كلّ شرايين ومقوّمات الحياة فيها.

وضعت الصهيونيّة سيف “عقدة الذنب اليهوديّة” بيد الرئيس الألماني ودفعته للتلويح به من تل أبيب، ووضع اللوبي اليهودي السيف ايضاً بيد الرئيس الفرنسي وريث الاستعمار ودفعته أيضاً إلى تل أبيب للتلويح به، وكذلك الأمر بالنسبة للرئيس الأمريكي الذي يستدعي تجديد ترشيحه للانتخابات الأمريكيّة ليس فقط الاستجابة للمطالب الإسرائيليّة، بل الركوع على حائط مبكاها، ويُراد من هذه الزيارات تأمين مادّة جديدة لمؤسسات الإعلام الصهيونيّة بعد أن بدأت أكاذيب بايدين تترنّحُ أمام ما بدأ يصل للمشاهد والقارئ لما يحدث على الأرض من جرائم وتطهير عرقي إسرائيلي لأهل فلسطين بجهد مميّز من نشطاء الحريّة.

رفعوا سيوفهم في كلّ اتجاه، فتعطّل عمل المنظّمات الإنسانيّة والإغاثية والطبيّة، ولكن، ورغم كلّ مساحة الألم والقهر في غزّة فإن لسان حالهم يقول ” كلّنا فداء المقاومة، وحسبي الله ونعم الوكيل”.

إنها معركة الحق ضدّ الباطل، ولا تستوحشوا طريق الحقّ لقلّة سالكيه، فقليل هي المؤسسات الإعلاميّة العربيّة التي انت فضت للحقّ، غير أنّ إيمان طواقمها بعدالة القضيّة الفلسطينية وبشاعة جرائم كيان الاحتلال جعلها فاعلة جدّاً، خاصّة مع تغييب معظم الدول العربيّة للصوت المقاوم في إعلامها، مما جعلها قبلة المقاومين على امتداد الشارع العربي.

نعم، لقد رفعوا سيوفهم فوق عنق الحق، وأوغلوا في الإجرام والترهيب والقتل، ولكن دماء شهداء غزة لم تنفك تصرخ في وجوه سيا فيّ العالم، ويكاد كلّ حرّ يسمعها: “إننا في دمنا على سيوفكم لمنتصرون”.

زر الذهاب إلى الأعلى