ضريبة 11 سبتمبر
كتب كريم شغيدل:
بالمصادفة تسمرت عيناي أمام مشهد مروع، وكان صوت التلفاز منخفضاً، تصورت الأمر مشهداً من أفلام الأكشن التي تستخدم التقنيات المتقدمة بالخدع
السينمائية، وحين ظهر المذيع وتكرر المشهد، قمت فرفعت الصوت، أيعقل هذا؟ في أميركا يحدث هذا؟! كان الإعلام العراقي آنذاك شامتاً طبعاً ومناصراً بشكل وآخر لتنظيم القاعدة، لكن مشهد اختراق الطائرة لبرجي التجارة العالمي الذي نفذ بتقنية سينمائية عالية الجودة جعلني حائراً،
ما هذا السيناريو المعد مسبقاً؟ وهنا اشتغلت نظرية المؤامرة، أتكون القاعدة نفذت فعلاً هذا العمل؟ أم المخابرات الأميركية لغاية في نفس يعقوب؟ أم إسرائيل واللوبيات الصهيونية؟ لإيجاد ذريعة لضرب الإسلام والمسلمين، ومن جملة ما أشيع أن أكثر من ثلاثة آلاف موظف يهودي يعملون في برجي التجارة لم يأتوا لوظائفهم في ذلك
اليوم.
عناصر القاعدة نفذت نعم، ولكن من الذي استدرجهم لذلك؟ من ساعدهم؟ أتكون الأجهزة الأمنية لأميركا بهذه الغفلة؟ أميركا التي تأسس تنظيم القاعدة على أيديها في ثمانينيات القرن المنصرم ضد الاحتلال السوفياتي لأفغانستان. أيعقل أنها تترك القاعدة هكذا بكل بساطة من دون أن تعرف أو ترصد تحركات عناصرها؟ ألم تزرع بينهم ولو جاسوساً واحداً، ألم تراقب تحركاتهم؟ اتصالاتهم؟ ألم تستشعر الخطر؟ أيكون تنظيم القاعدة بهذا الصرامة بحيث لم يتم اختراقه من أية مخابرات في العالم؟.
نجحت الخطة فكانت أحداث 11 سبتمبر حجة منطقية لغزو أفغانستان ومن ثم العراق، ومظلة آمنة لتبرير الاحتلال بذريعة القضاء على الإرهاب الذي بات يهدد أمن العالم، لكن أميركا لم تذهب لتجفيف المنابع الفكرية للإرهاب، ولم تقف عند من يدعم الإرهاب مادياً ومعنوياً وهم من حلفائها.
أميركا التي حاصرت الشعب العراقي، ليس من خلال العقوبات الدولية فحسب. وإنما بالإبقاء على(صدام) ضعيف، بعدما دمرت آلته الحربية، وكان بإمكانها إسقاطه في العام 1991. تأتي بعد اثنتي عشرة سنة لتحول العراق إلى ما يسمى بعش الدبابير ليدفع الشعب العراقي وحده ضريبة 11 سبتمبر غزواً وتخريباً وتقتيلاً. وليس بين منفذي الهجمات عراقي واحد ولا أفغاني، إذ كانوا 15 سعوديا واماراتياً ويمنياً ولبنانياً يتزعمهم مصري، أليست هذه مفارقة؟!.