قانون الإصلاح الاقتصادي.. حاجةٌ وطنيَّةٌ ملحّة
كتب سلام مكي: يعتزم مجلس النواب في الفترة المقبلة، التصويت على قانون الإصلاح الاقتصادي، بعد أن تصل اللجنة المكلفة بكتابة صيغة نهائية، تلاقي قبولاً من قبل جميع الأطراف السياسية.
ولعل الحديث عن هذا القانون، لا يقل أهمية عن الحديث عن باقي القوانين المهمة الأخرى، التي تنتظر الإقرار في مجلس النواب، ذلك أن وجود أي دولة، يعتمد بالدرجة الأساس على وجود اقتصاد قوي، ورصين، قادر على الوقوف بوجه التقلبات الاقتصادية، ويملك مقومات النمو والتطور بمرور الوقت.
ومن الطبيعي، أن أي نشاط عام، لا يمكن له النجاح والاستقرار، إلا في حال توفر له قانون رصين، على استعداد لأن يتولى الإجابة عن جميع الأسئلة المستقبلية التي ستطرح، أو بعبارة أخرى، يمكنه أن يعالج جميع المشكلات المستقبلية التي قد تطرأ، من خلال قدرة المشرِّع على قراءة الواقع والمتغيرات التي ترافق ذلك النشاط.
والحديث عن قانون الإصلاح الاقتصادي، له أهمية كبيرة، وهو كما قلنا يندرج ضمن خانة القوانين المهمة والتي تحتاج إلى جدية كبيرة واهتمام بالغ من قبل مجلس النواب، لأن المتابع للواقع الاقتصادي للبلد، يجد أن هنالك الكثير من الإشكاليات التي ترافق عمل هذا القطاع الحيوي والمهم، ولعل أبرز إشكالية هي عدم وجود قانون موحد، يعالج جميع الفعاليات الإدارية والقانونية التي تخص الجانب الاقتصادي، وإذا قلنا الاقتصاد، فسنقول الاستثمار وقانونه الإشكالي، والذي لازالت الكثير من نصوصه محل نظر، وكثيراً ما تحفّظ عليها مختصون بالشأن القانوني، ودوائر ووزارات حكومية، شخّصت بعض المواد التي تساهم بعرقلة الإجراءات التي تساهم بإبرام العقود الاستثمارية، وهنالك الاستثمار الصناعي، وهو قانون لا يقل أهمية عن قانون الاستثمار كونه ينظم عمل المشاريع الصناعية للقطاع الخاص، وينظم العلاقة بين صاحب العمل وصاحب الأرض والتي غالباً ما تكون وزارة المالية، كونها تملك الحصة الأكبر من الأراضي.
وإذا قلنا الاقتصاد، سنتحدث عن دعم الموازنة العامة، ورفدها بالسيولة المالية، خصوصاً أن الحكومة أخذت على عاتقها مسألة تنويع الواردات وعدم الاكتفاء بالنفط كمصدر رئيس للموازنة، وهذا الأمر يحتاج إلى كثير من التشريعات والقوانين، التي تساعد الحكومة على فتح منافذ جديدة للإيرادات وتنويعها، بما يحقق استغلالاً أكبر لباقي الموارد الطبيعية من غاز طبيعي ومعادن أخرى كالكبريت والفوسفات، ودعم الصناعة النفطية، عبر بناء المصافي الجديدة.
فهذه الإجراءات لابد لها من قانون موحد ينظم عمل الوزارات ذات العلاقة، ويعطي لكل وزارة دوراً محدداً في عملية الإصلاح الاقتصادي، خصوصاً الوزارات التي تدير العملية الاقتصادية للبلد، كوازرة المالية بالدرجة الأولى ووزارة التجارة والصناعة وكذلك الزراعة، فهي وزارات تسهم بصياغة النظام العام، وتؤسس لفلسفة الدولة في إدارة اقتصادها.
ولكن ما نحتاج إليه لغرض المساهمة في كتابة القانون، هو نشر مسودة القانون على الرأي العام، لغرض الاطلاع عليه وإبداء الملاحظات عليه للوصول إلى قانون رصين، يستوعب كافة التحولات والتغيرات التي يمكن أن تطرأ على الاقتصاد من جميع الجوانب، والسعي لبناء اقتصاد عراقي قوي، قائم على الإنتاج الصناعي والزراعي، وتأطير العلاقات التجارية بين العراق وباقي البلدان بقانون يحدد واجبات وحقوق الجميع.
إن قانون الإصلاح الاقتصادي هو قانون لكل العراقيين، وتشريعه في الفترة المقبلة ضروري جداً، نظراً لوجود الكثير من المشكلات التي جعلت من الاقتصاد العراقي، يعاني من أزمات لا عد لها ولا حصر، وكلها بسبب غياب النص القانوني، الذي يعالج تلك المشكلات، ويضع الحلول لها، ويلزم الدولة والقطاع الخاص بالسير وفق إجراءات معينة، لتحقيق الأهداف التي يرسمها هذا القانون.