كتب عبد الأمير المجر: هل تعود المدنيّة للعراق؟

عندما كنا في الريف، كانت المدرسة هناك، على بساطة صرائفها القصب، تمارس دورا تربويا مركّبا، اكتشفنا أهميته لاحقا.

 

فالعلاقات الاجتماعية في الريف تقوم على قيم موروثة، اغلبها سيئة من دون شك، مثل التعصب للعشيرة والعراك العبثي بين فتيان القرى المتجاورة.. الخ.

وحين دخلنا المدرسة أصبحت لنا علاقات {اجتماعية} بمذاق جديد وباتت تفاصيل ممارساتنا اليومية تختلف عما جبل عليه من سبقونا، حيث انصهرنا مع أبناء القرى والعشائر الأخرى في ميدان واحد، واصبح أهلنا يسموننا {المدرسجّية} في إشارة الى تخلّقنا بأخلاق مختلفة، يتحسسون رقيها لكنهم شبّوا وتصلّبوا على ممارسات غيرها.

لقد كانت المدرسة مؤسسة أولية انطلقت منها العلاقات المدينيّة من داخل القرى، فالتنافس فيها بين الصغار يكون على تحصيل الدرجات الأعلى في الدروس وكذلك في الرياضة بألوانها المتعددة، حيث كانت تقام المهرجانات والاستعراضات السنوية، إضافة الى الاصطفاف اليومي والاناشيد الوطنية ورفع العلم، وتأثير هذه اللمسات في وجدان الصغار وبنائهم وطنيا.

السطور أعلاه كانت مفتتحا لردي على سؤال لصديق جمعتني به جلسة خاصة قبل ايام، وكان متذمرا من تفشي اللا مدنيّة في العراق.

واكملت الإجابة لصديقي قائلا: ان وجود مصلحة نقل الركاب سابقا وقطع التذاكر عند الصعود، لمسة مدنيّة، والامر كذلك مع دخول السينما والمسرح وغيرها، ووجود العمال، وان كانت مستوياتهم التعليمية بسيطة، في أي مصنع، وتعاطيهم مع القانون بشكل يومي، ليس بوصفه سيفا مسلطا على رقابهم، بل انساق يومي للتعامل مع مفردات واقعهم المهني والاجتماعي هناك، وكذلك عبور الشارع من أماكن العبور وانتظام العمل التجاري بعيدا عن فوضى البسطات والنشاط العشوائي، يعكس معنى المدنيّة التي نفتقدها منذ عقود، وان عودة هذه اللمسات رهينة بعودة العقل المدني الذي يقود البلاد مع ضرورة وجود إدارة منظمة للاقتصاد، لأنه يعني عودة الحيوية لجميع مؤسسات الدولة وفعاليات المجتمع المختلفة، فبدون إدارة جيدة لاقتصاد أي بلاد تبقى متخلفة والعكس صحيح، وارى انه الحل السحري للإشكالية الكبرى التي عصفت بوقعنا منذ ثلاثة عقود.
وهذا ليس صعبا ولا مستحيلا ان نجح الفائزون في هذه الانتخابات بتشكيل حكومة قوية تمسك بالبلاد وتؤمن مسبقا بالدولة المدنية.

 

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: العراق أولاً

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: “العراق أولاً

 

زر الذهاب إلى الأعلى