ماحقيقة سفينة الأشباح؟ ماصحة الروايات حولها..

 صعد 11 بحاراً في عام 1921، على متن السفينة كارول دييرنغ في جزيرة باربادوس في المحيط الأطلسي، متجهين نحو الولايات المتحدة، ولكن بعد أسابيع من إبحارهم عُثر على السفينة مُدمرة، دون أن يتمّ العثور على الطاقم، لتصبح واحدة من أكثر السفن غموضاً في التاريخ.

ووفقاً لموقع All That’s Interesting الأمريكي، فإن السفينة تحطمت بعد المرور من مثلث برمودا قبالة سواحل نورث كارولينا، واختفى طاقمها كما لو أنهم تبخروا.

سفينة الأشباح كارول دييرنغ

وأكثر ما تسبب في القلق بالنسبة للناس هو أن السفينة كارول دييرنغ لم تكن أول سفينة تلقى هذا المصير بالقرب من نورث كارولينا، فعلى مدى قرون من الزمان كانت المياه الغادرة في تلك المنطقة مصدر خوف للبحارة.

إذ إن الشواطئ المتحولة والطقس غير المتوقع في “مقبرة الأطلسي” حطمت آلاف السفن على مدى سنوات.

ولكن حتى على امتداد خطير كهذا من المحيط، تبرز بعض السفن المحطمة بسبب غرابتها الخالصة، وسفينة كارول دييرنغ خير مثال على ذلك.

ما سبب غرق سفينة كارول دييرنغ؟

حاول الجميع اكتشاف ما حدث لهؤلاء البحارة المفقودين، بدءاً من مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكي FBI، ومروراً بخفر السواحل ووصولاً إلى الصيادين.

وقدّم هؤلاء نظريات تنوعت بين التفسيرات الاعتيادية المتعلقة بسوء الأحوال الجوية وبين الحكايات الشريرة المرتبطة بالتمرد أو القرصنة، بل إن بعضهم ألقى اللائمة على مثلث برمودا نفسه.

ولكن حتى بعد مرور 100 عام ما زلنا لا نعرف تحديداً ما الذي حدث لسفينة كارول دييرنغ.

كانت سفينة كارول دييرنغ متينة وموثوقة فقد نجحت في رحلات سابقة

بُنيت السفينة كارول دييرنغ في عام 1919، عن طريق شركة G.G. Deering Company في مدينة باث بولاية ماين الأمريكية، وكانت إحدى آخر المراكب الشراعية المبنيّة قبل أن يسود بناء السفن الحديدية.

انطلقت السفينة في رحلتها الأولى في نهر كينيبيك قرب الولاية، وكان قائدهاً هو ويليام “هانغري بيل” ميريت، صديق آل دييرنغ أصحاب الشركة التي بَنَت السفينة.

وهو أيضاً الذي استخدم السفينة في رحلتين سابقتين، الأولى نقل فيها الفحم من من ولاية فيرجينيا إلى ريو دي جانيرو في البرازيل، والثانية نقل الذرة من الأرجنتين إلى نيويورك.

وقد بدت سفينة كارول دييرنغ متينة وموثوقة، نظراً إلى أنها نجحت في الرحلتين السابقتين.

إطلاق السفينة كارول دييرنغ

في أغسطس/آب 1920، انطلق الكابتن ميريت مع طاقم مكون من 10 رجال -غالبيتهم دنماركيون- من أجل نقل شحنة فحم أخرى إلى البرازيل.

لكن ميريت مَرِض في وقت مبكر من الرحلة، وأُجبر على الذهاب إلى البر، تاركاً خلفه شحنته وأغلب طاقمه، كما نزل ابن ميريت، الذي كان من المفترض أنه مساعد القبطان، مع أبيه.

ومما يثير الدهشة أن شركة G.G. Deering Company صاروا قلقين بسرعة من خسارة المال وتعطل التجارة؛ لذا هرعوا للعثور على أي شخص آخر كي يحل محل ميريت في قيادة السفينة كارول دييرنغ.

مشكلة مع طاقم جديد

ووفقاً لما ذكره موقع Nationalparks فقد وافق على قيادة السفينة كل من الكابتن ويليز ورميل، وهو قبطان بحري يبلغ من العمر 66 عاماً، وصعب المراس، إضافة إلى صديقه تشارلز ماكليلان ليكون مساعده في الرحلة.

أبحرت السفينة مرة أخرى في 8 سبتمبر/أيلول 1920، وشقت طريقها إلى البرازيل لتسليم الفحم دون حوادث.

ولكن كانت هناك مشكلة كبيرة: احتقر القبطان ويلز ومساعده ماكليلان بعضهما البعض، ولم يساعد في إصلاح الأمر وجودهما بالقرب من بعضهما على متن السفينة.

وفي طريق العودة عندما توقف الطاقم في باربادوس، في مطلع يناير/كانون الثاني 1921، كان الكابتن ويلز يصف مرافقه بكلمات قاسية، مثل أنه في حالة سكر دائمة، وأنه يعامل الناس بقسوة غير مبررة.

وعند مرحلة ما خلال التوقف في باربادوس وجه أحد البحارين سؤالاً إلى الكابتن ويلز، حول ما إذا كان يعتقد أن الطاقم قادرٌ على التمرد.

وحينها قال ويلز إنه لا يعتقد أن جميع رجاله يمكن أن ينقلبوا ضده، لكن كلا الرجلين عرف أن بدء التمرد لا يتطلب بالضرورة اتفاق الطاقم بأكمله.

من جانبه، قال المساعد ماكليلان إنه لا يوجد شيء لتهدئة أعصاب القبطان.

تهديد مباشر بالقتل من المساعد إلى الكابتن

في أحد الأيام أثناء وجودهم في باربادوس، صرخ ماكليلان في وجه ويلز قائلاً: “سوف أقتلك قبل أن ينتهي الأمر أيها الرجل العجوز”.

وبعد ذلك مضى ماكليلان ليحتسي الشراب في مقهى كونتيننتال ويدخل في حالة سكر، وكان يشكو بصوت عالٍ من ويلز في معظم الوقت.

حتى إنه سُمع يقول بصوت مرتفع: “سوف أنال منك أيها القبطان قبل أن نصل إلى نورفولك، سوف أفعل”.

وبين تهديداته وحالة السكر التي دخل فيها كان سلوك ماكليلان سيئاً بما يكفي ليأخذه رجال الشرطة في المنطقة إلى السجن.

ولسبب غير مفهوم، دفع ويلز كفالة وأخرجه، ربما لاعتقاده أن مرافقه كان نادماً.

وبعد ذلك، تقريباً في 9 يناير/كانون الثاني 1921، واصل الطاقم رحلتهم عائدين إلى الولايات المتحدة.

المرة الأخيرة التي تُشاهَد فيها كارول دييرنغ

كانت السجلات المكتوبة بخط اليد في خارطة السفينة مُدوَّنةً بخط يد ويلز حتى 23 يناير/كانون الثاني 1920.

وبعد ذلك، استُبدلت الكتابة بخط يد أخرى، وفي الأسابيع السابقة، مضت السفينة في طريقها على ما يبدو على طول الساحل متجهة إلى نورث كارولينا، وشوهدت لآخر مرة في منطقة كيب لوكاوت شولز.

وفي 29 يناير/كانون الثاني 1921، لاحظت سفينة الإنارة بمنطقة كيب لوكاوت شولز وجود عواصف قوية عندما رأت السفينة كارول دييرنغ في المياه.

ولاحقاً، أبلغ قائد سفينة الإنارة توماس جاكوبسون أن رجلاً ذا شعر أحمر في سفينة كارول دييرنغ ألقى عليه التحية بلكنة اسكندنافية، لكنه لم يبدُ أبداً أنه القبطان.

وقد لاحظ أيضاً أن الطاقم كانوا يتنقلون أسفل سارية السفينة، وهي منطقة تكون مخصصة عادةً للقبطان.

ومع إبحار كارول دييرنغ نحو الشمال، لاحظ جاكوبسون -الذي لم يكن الراديو الخاص به يعمل- اقتراب سفينة بخارية من ناحية الجنوب.

ولكن عندما أرسل جاكوبسون إشارات إلى السفينة الثانية كي تمرر رسالة متعلقة بكارول دييرنغ، تجاهلته السفينة الجديدة.

وعندما أطلق جاكوبسون صافرته البخارية الهائلة ناحية السفينة الثانية، اتجهت تلك السفينة غرباً مباشرةً، وغطى الطاقم بسرعة اللوحة التي تحمل اسم السفينة.

وقد كان جاكوبسون آخر من شاهد السفينة البخارية الغامضة، وكذلك كانت المرة الأخيرة التي تُشاهد فيها كارول دييرنج طافيةً على سطح المياه.

أمور صادمة على متن السفينة بينها قطّة بـ6 أصابع

في صباح 31 يناير/كانون الثاني 1921، رُصدت السفينة كارول دييرنغ عن طريق دورية على الشاطئ تابعة لخفر السواحل قبالة منحنى ساحل كيب هاترس في جزيرة أوتر بانكس.

استغرق الأمر أياماً قليلةً قبل أن تهدأ العواصف في المنطقة بما يكفي لتمضي مجموعة بحث في طريقها نحو استكشاف حطام السفينة، وعندما حصلوا على فرصة في نهاية المطاف لإلقاء نظرة، اكتشفوا بضعة أمور صادمة.

اختفى الطاقم كله كأنهم تبخروا، وفُقدت كذلك قوارب النجاة ومعدات الإبحار وساعة الكرونومتر الخاصة بالسفينة.

والغريب أنهم عثروا على طعام جاهز في المطبخ، كما لو أن البحارة كانوا على وشك تناوله قبل أن يغادروا بسرعة، والشيء الوحيد الذي عُثر عليه على متن السفينة كان قطة ذات 6 أصابع.

وبحلول مارس/آذار، اعتبرت السفينة مصدر خطر للسفن الأخرى في المنطقة، فجرى تفجيرها بالديناميت.

جرفت الأمواج أخشاب السفينة نحو الشاطئ، واستخدمت هذه القطع في نهاية المطاف في بناء المنازل بالمنطقة.

ما الذي حدث لطاقم السفينة؟

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أعلنت الحكومة الفيدرالية اهتمامها بهذا اللغز.

فقد حقق في الأمر خفر السواحل ومكتب التحقيقات الفيدرالية والبحرية الأمريكية ووزارات الخزانة والتجارة والعدل، حتى إن وزير التجارة آنذاك هربرت هوفر، قاد تحقيقاً موسعاً على نحو خاص حول اللغز.

وفي ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة في أواخر فترة الخوف الأحمر الأول  ، وكانت الشائعات تنتشر بأن المتمردين الشيوعيين كانوا يتسللون في أطقم السفن الأمريكية.

لذا قيل إن مساعدي هوفر اعتقدوا أن قراصنة بلاشفة كانوا يغيرون على السفن في أعالي البحار، قبل أن يستولوا على السفن ويعودوا بها إلى روسيا.

سيطرت النظرية على مخيلة الجماهير، ولكن كانت هناك إشكالية واحدة حول هذه النظرية: السفينة كانت مهجورة، ما يعني أن القراصنة المزعومين لم يستولوا على أي سفينة، بل خطفوا البحارة فقط.

كما استُبعدت الأعاصير هي الأخرى أن تكون السبب، نظراً إلى أن كارول دييرنغ كانت تبحر مبتعدة عن أسوأ الأعاصير في المنطقة، وعندما طُرحت فكرة مثلث برمودا لأن يكون التفسير الممكن، كانت هذه النظرية يُنظر إليها بدرجة كبيرة على أنها أسطورة وليست حقيقة.

في حين ادعى صياد محلي يدعى كريستوفر كولومبوس جراي أنه عثر على رسالة في زجاجة تطفو في المياه قبالة شاطئ بوكستون بولاية نورث كارولينا؛ سرعان ما سلمها إلى السلطات، وكانت تحتوي على طلاسم وكلمات غير مفهومة حقاً، ولكن في نهايتها كان يطلب على من يجدها أن يوصلها إلى مقر شركة G.G. Deering Company أصحاب السفينة وفقاً لما ذكره موقع Reddit.

في حين أدعت أرملة كابتن السفينة زيلز أن الخط المستخدم في الرسالة يشبه خط مهندس السفينة بيتس، كما ثبت أنّ الزجاجة مصنوعة بالفعل في البرازيل وهو المكان الذي كانت فيه السفينة.

ورغم أنّ كريستوفر اعترف لاحقاً أنه زور الرسالة فإن الكثيرين لا يزالون يعتقدون أنها حقيقيّة.

التفسير الأكثر قبولاً

انتهت التحقيقات في عام 1922، بدون تقديم أي إجابة رسمية، لكن التفسير الأكثر قبولاً كان كذلك هو الأكثر عنفاً ومأساوية.

برغم عفو الكابتن ويلز عن مساعده ماكليلان في باربادوس، يبدو أن التوترات عادت بينهما على متن السفينة ما أدى إلى نوعٍ من التمرد.

وبعد ذلك، بسبب الطقس السيئ أو عدم وجود المراسي، ارتطمت السفينة بالصخور، وربما عندما حاول الطاقم الفرار عن طريق قوارب النجاة، غرقوا بسبب الأمواج العاتية في المنطقة أو حملتهم هذه الأمواج إلى البحار العميقة.

وأما فيما يتعلق بالسفينة البخارية المجهولة التي شوهدت بالقرب من السفينة كارول دييرنغ، فربما كانت سفينة لمهربي كحوليات يحاولون التخفي عن الأعين.

وأيما يكون التفسير، فإن القصة الكاملة للسفينة كارول دييرنغ وطاقمها المفقود فُقدت للأبد في مقبرة الأطلسي.

المصدر: عربي بوست

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى