مجالس المحافظات ودورها المقبل
كتب نبيل إبراهيم الزركوشي: بعد أن ظهرت نتائج انتخابات مجالس المحافظات وعرفت جميع القوائم الانتخابية نصيبها من الفوز والخسارة في ماراثون انتخابي، كانت بدايته إقرار القانون الانتخابي لهذه المجالس وحتى يوم الانتخابات، التي شهدت ولأول مرة مقاطعة علنية وصريحة من طيف واسع من المجتمع العراقي، ومراهنات عديدة بالتأجيل مرة والإلغاء تارة أخرى.
ولكن إرادة الحكومة كانت قوية ومن اليوم الأول صرحت بأنها سوف تسخّر كل الجهود من أجل إنجاح هذه الممارسة الديمقراطية، وقد أوفت بذلك وكان النجاح حليفها، لذا يقع على عاتق هذه المجالس مهام كبيرة يجب عليها أن تنجح فيها إذا ما أرادت الاستمرار وعدم إلغائها مرة أخرى.
لأن هذه المجالس جاءت بعد حل المجالس القديمة كجزء من تلبية مطالب ثوار تشرين والتي كان من ثمارها الأخرى الانتخابات البرلمانية المبكرة، واستقالة حكومة عبدالمهدي، إذن يمكن الجزم هنا أن النظرة الشعبية على هذه المجالس سلبية ويعتبرونها حلقة غير ضرورية وجاءت هذه النظرة، كونها أي المجالس السابقة لم تستطع في حينها الإسهام في التخفيف عن كاهل المواطن البسيط، وكان عملها غير واضح المعالم دستورياً ولم تستطع تغيير الواقع الخدمي والاقتصادي والاجتماعي، ولم تكن لديها خطط استراتيجية بعيدة الأمد، كونها تتغير كل أربع سنوات.
ناهيك عن محدودية الصلاحيات الممنوحة لها وقت ذاك أو قانونها، التي تعمل به، لذا يجب أن تعمل المجالس الحالية جاهدةً على تغير النظرة الشعبية السلبية عنها، ومن خلال خطوات سريعة وعمل دؤوب، وأن تكون لها الشخصية المؤثرة في تغيير واقع مجتمعاتها، التي وضعت فيها الأمل في اختيار محافظ، يستطيع إدارة المحافظة بمهنية عالية وتقييم الأداء لمدراء الدوائر والوحدات الإدارية الحاليين سكن خلال مدة شهر، وبموضوعية ومهنية عالية، وإيجاد البديل إن استوجب الأمر ذلك.
ورفع مقترحات إلى الجهات التشريعية لزيادة الصلاحيات الممنوحة لها الإدارية والفنية، دون الرجوع إلى المركز أو التأثير على قراراتهم وإكمال التغيير الذي جاءت به الحكومة الحالية، من خلال البرنامج الحكومي الحالي، الذي يشهد نجاحاً كبيراً على جميع الأصعدة، كالفساد ومحاربته ومحاسبة المقصرين ممن يشغلون الوظائف العليا في الدولة، ناهيك عن المشاريع الاستراتيجية وغيرها الكثير، وهذا بحد ذاته أمر قد يصعّب من مهمتهم، كونهم يأتون بعد سلسلة نجاحات حكومية يشهد لها الجميع.
من هنا يجب عليهم التفكير في ما الذي سيضيفونه إلى هذا النجاح، كي يحسب لهم ويجب أن يعلم كل عضو من الأعضاء الحاليين أن حصوله على هذا المقعد هو ليس مغنمة قد حصل عليها، بل هي وظيفة حكومية تأخذ على عاتقها العمل والاجتهاد والمهنية والابتعاد عن الانتفاع الشخصي، هذا من جانب، ومن جانب آخر يجب أن يكون الأساس في عملها هو التكاتف بين الجميع، ومن أجل الجميع لا من أجل المكون الذي انتخبه، بل من أجل محافظته التي هو يمثلها، وهذا أحد الأخطاء الذي وقع فيه بعض الأعضاء السابقين.
إن وضع الخطط ودراسة البرنامج الحكومي والنجاحات المتحققة والتماس المباشر مع المواطن ومحاسبة المسوؤل الفاسد ومعرفة فشل الأعضاء السابقين، وكشف الذمم المالية من اليوم الأول، قد تكون أموراً تكتب للمجالس الجديدة النجاح والاستمرارية.