مطار بغداد
كتب د. خالد حميد: المطارات عناوين البلدان، ودليل تقدمها أو تراجعها، وهي المَعْلَم الأول الذي يواجه القادم من بلد آخر، وفيه يتشكل الانطباع الأول عن هذا البلد.
المطار يشبه غرفة الاستقبال في بيوتنا، غرفة خاصة بالضيوف، نهتم بها أكثر من الغرف الأخرى، ونحرص أن تكون الأجمل، لذا تحرص كل الدول على مطاراتها، وتعمل دائماً على تطويرها لوجستياً وإدارياً وجمالياً.
هذا حال أغلب المطارات في دول العالم، لكننا نشعر بالحزن حينما نقارن مطار بغداد بغيره، مطار بغداد يعاني الكثير من المشكلات على مستوى الإدارة والخدمات والمنشآت، فعلى الرغم من أهميته الكبيرة بوصفه أكبر محطة استقبال في البلاد، لكنه ومنذ إنشائه قبل أكثر من 40 عاماً لم يشهد أي عملية تطوير، بل كثيراً ما أُغلِق بسبب مغامرات النظام السابق وحروبه الطائشة، عدم التأهيل والتطوير جعله عرضة لحوادث كثيرة، فمطارنا يغرق بأمطار الشتاء، ويحترق في الصيف اللاهب، ما جعله حديثاً لقنوات الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
استمر حاله المتردي طيلة الحكومات المتعاقبة بعد 2003، ولم يتغير الأمر إلا مع حكومة السوداني، التي وقعت في نهاية عام 2023، اتفاقاً مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC) التابعة لمجموعة البنك الدولي، وهي مؤسسة متخصصة في مجال تأهيل المطارات، حيث أشرفت سابقاً على تطوير وتوسعة أهم المطارات في السعودية وتركيا وغيرها من الدول.
يقضي الاتفاق بتقديم هذه المؤسسة صيغة متكاملة تشمل توسيع المطار وتمويله وتشغيله وصيانته، من خلال اختيار شركات عالمية رصينة تقوم بهذه المهمة، وقبل أيام قليلة قدمت المؤسسة رؤيتها بشأن عملية التطوير إلى الحكومة العراقية من خلال اجتماعها برئيس الوزراء السيد السوداني، الذي أبدى استعداد حكومته لتقديم كل أنواع المساعدة والتسهيلات، لإنجاز هذا المشروع خلال ثلاث سنوات.
إن إنجاز هذا المشروع سيجعل مطار بغداد مورداً مالياً مهماً لخزينة الدولة، لا سيما إذا ما أخذنا في الحسبان التوقعات التي تشير إليها الدراسات المتخصصة من زيادة عدد المسافرين وكثافة حركة الطيران في المطار، وذلك في سياق النموّ المستقبلي المتوقع للوجهات المتصلة بخطوط الطيران الدولية المارّة بمطار بغداد الدولي، والخطوط المنطلقة منه والمتجهة إليه.
كما أن هذه الخطوة إذا ما تحققت وكُتِب لها النجاح، فهذا يعني نهاية مرحلة طويلة من التردي الإداري والخدمي لمطارنا العتيد، وبداية مرحلة جديدة يشعر فيها المسافر بالراحة واحترام الوقت وحفظ الكرامة.