ملف الصناعة الوطنية
كتب بشير خزعل: أحد أهم المساعي الجادة، التي يجب أن تسعى لها الحكومة وعلى غرار إنجازات الطرق والجسور هو تحركها باتجاه تطوير الصناعة الوطنية، التي تهاوت منذ تسعينيات القرن الماضي، يمتلك العراق أكثر من 25 ألف مصنع ومعمل، إلا أن المتوقفة منها أكثر من 20 ألفاً.
المعامل الصغيرة تشكل قرابة 90% من إجمالي المصانع والمعامل، وهي نسبة تعكس مدى ضعف الصناعة العراقية وهيمنة الصناعات التحويلية بدلاً من الاستراتيجية والثقيلة، يبلغ العدد الكلي للمصانع التابعة لشركات القطاع العام في العراق نحو 227، وتبلغ أعداد العامل منها 140 فقط بحسب بيانات وزارة الصناعة والمعادن للعام 2022.
وفقاً لتلك البيانات فإن نحو 18 ألفاً و167 مشروعاً صناعياً متوقفة عن العمل لأسباب مختلفة، في حين كان القطاع الصناعي يشكل نحو 23% من حجم الناتج المحلي الإجمالي للعراق في منتصف ستينيات وحتى نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وبالعودة إلى ما يمكن أن تفعله الحكومة في مجال تطوير الصناعة العراقية، فليس أمامها سوى الاستفادة من تجارب الماضي أو تجارب الدول التي نهضت بصناعتها الوطنية بشكل سريع وملفت.
أبرز المشكلات، التي تواجه الصناعة المحلية، هي البنى التحتية التي تحتاج إلى تحديث المناطق الصناعية وتوفير مرافق ملائمة للإنتاج، فضلاً عن إصلاح التشريعات وتعديل القوانين المتعلقة بالصناعة، لتسهيل إجراءات الاستثمار وتخفيف البيروقراطية، إضافة إلى تنمية المهارات عبر برامج التدريب والتطوير لتحسين قدرات العمالة الوطنية، بما يتماشى مع احتياجات الصناعة، متى ما طورت الدولة صناعتها الحكومية، أصبح لزاماً على القطاع الخاص بأن يكون أكثر تطوراً، وبهذا يصبح التنافس بين القطاعين العام والخاص منتجاً ويصب في مصلحة الاقتصاد الوطني، وبذلك نعيد للاقتصاد العراقي هويته، فالأمر غير مقتصر على صناعة حكومية أو قطاع خاص، المهم أن الصناعة العراقية بمجملها تسهم بخلق تنمية اقتصادية فعالة.
إجراء إصلاحات اقتصادية وتغيير في هيكلية الاقتصاد العراق، حتماً ستدعم الاقتصاد الوطني وتخلق حالة تنموية جديدة، تحد من مشكلات كثيرة تثقل كاهل الدولة، وترفع نسب البطالة والفقر وتردي مستوى الخدمات، مع وجود ثروات وموارد.
ما زالت الفرصة سانحة أمام الحكومة وفي متناول اليد، لإنعاش الصناعة العراقية بجميع مستوياتها في القطاع العام والخاص أو بالتشارك مع شركات استثمارية عالمية، لها باع طويل في تطوير الصناعات وتحسينها نوعاً وكماً، وعلى مديات زمنية استراتيجية مدروسة، تلغي مشاريع تمشية الحال لفترة محدودة.