أخر الأخبار

منافسة انتخابيَّة باهتة

كتب طالب سعدون: أرهبت أمريكا العالم وابتزته (ببلطجية) قطاع الطرق، ليس بقوتها العسكرية أو الاقتصادية أو العلمية والتكنولوجية، فهناك من ينافسها فيها بقوة أو يتقدم عليها، بل بادعائها إنها (راعية) الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، كذبة الديمقراطية الأمريكية انطلت على الكثير مدة طويلة، لكن الإبادة التي مارسها نيتنياهو في غزة فضحتها وكشفت عيوبها.

 

وبذلك قدمت غزة خدمة جليلة للإنسانية، ظهرت نتائجها سريعاً على الرأي العام والشباب الجامعي، ليس في أمريكا فقط وإنما في العالم الغربي، أمريكا (الديمقراطية وراعية حقوق الإنسان) بدلاً من أن تسلم نتنياهو إلى المحكمة الجنائية الدولية، لينال جزاءه العادل على تلك الجرائم الإنسانية ضد غزة، استقبلته في الكونغرس استقبال (المنتصرين) وقوبلت كلمته، التي استغرقت 52 دقيقة أمام النواب والمدعوين بالتصفيق 81 مرة.. لكن أصوات المحتجين على أبواب الكونغرس على زيارة نتنياهو وجرائمه في غزة كانت الأعلى، فاخترقت الجدران وأفسدت (العرس الديمقراطي) في المبنى والاحتفالية بنتنياهو.

من بعض نتائجها مقاطعة 128 نائباً لهذه الجلسة، ومن النواب من رفع يافطة كتب عليها مجرم حرب، فيما رفعت الثانية علم فلسطين، وعدت أخرى خطابه بأنه أسوأ خطاب لأجنبي أمام الكونغرس، ووصف آخرون، ومنهم يهود دعوة الكونغرس لمجرم وكذاب بأنها وصمة عار، لأن مكانه ليس هنا في الكونغرس، بل في المحكمة الجنائية يقاد إليها بالسلاسل.

مواقف كثيرة أكدت فشل الزيارة ونفاق المصفقين وزيف شعارات الديمقراطية، وفضحت تعامل أمريكا السياسي والأخلاقي والإنساني مع القضية الفلسطينية وغزة بالذات، مرشحون لرئاسة دولة تدعي أنها الأعظم أحدهم كان (خرفاً) لا يعي ما يقول، وآخر ممثل يجيد التمثيل بجدارة، وهو يتلقى الضربة، التي كادت تقتله لولا التفاتة منه بالصدفة حرفت الإطلاقة عن مسارها لتأتي في أذنه، وجاءت له رحمة علها تفيده في حملته الانتخابية، وتعطي عنه صورة مغايرة لحقيقته ويظهر أمام الأمريكيين بأنه قوي، وقد ضحى بحياته من أجل أمريكا، وثالثة خدمتها الصدفة أيضاً في الترشيح بعد انسحاب بايدن، فكانت مرشحة اللحظة الأخيرة، دون أن يكون لها إنجاز أو دور تستند عليه في حملتها الانتخابية، فقد فشلت في ملفات أسندت إليها في ولاية بايدن لم تنجح فيها، أهمها ملف الهجرة، ومواقف أخرى عندما كانت مدعيّاً عاماً في كاليفورنيا ونائباً في مجلس الشيوخ ونائباً لبايدن، قد تصب في صالح ترامب.

فهل باستطاعتها إقناع الناخب الأمريكي، خلال فترة بسيطة بأهليتها لرئاسة أمريكا في هذه الظروف؟ مشهد ديمقراطي قد تتقدم عليه مشاهد ديمقراطية في العالم الثالث، الذي ادعت الوصاية عليه وإنها (أستاذ) العالم في الديمقراطية، منافسة انتخابية باهتة على خلاف المنافسات السابقة، تحمل الكثير من المفاجآت والاحتمالات، بما فيها الانحدار إلى العنف كما حصل مع ترامب قبل أيام وكانت أذنه (ماركة) الانتخابات والديمقراطية عموماً، وقد تكون لوغو الحزب الجمهوري.

المرشحان الاثنان في موقف صعب.. ترامب فقد أهم عنصر قوة لديه وهو ضعف بايدن.. وخليفة بايدن ليس في سجلها ما يجعلها أفضل من ترامب.. حالهما حال الأعمى الذي يقود ضريراً، كما يقول المثل الشعبي.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى