كتب محمد صادق جراد : الثقافة الديمقراطيَّة

تختلف معايير الناخب من دولة الى أخرى إذ نجد ان معظم الناخبين في الدول ذات الديمقراطيات المتقدمة يجعلون من الاقتصاد عاملاً مهما لحسم السباقات الانتخابية.

 

فتتجه بوصلة الناخب صوب الأشخاص الذين يمكن ان يحققوا التقدم في المجال الاقتصادي بجميع ملفاته كالصحة والتعليم والضرائب. ومن هنا تصبح مصلحة المواطن بكل انتماءاته ومناطقه هي المعيار الأول لاختيار المرشح للانتخابات.

لقد اكتسب المواطن في تلك الدول ثقافته الديمقراطية من خلال ممارسته لأكثر من تجربة انتخابية على مدى سنوات طويلة. ومن هنا نرى بان الناخب العراقي أيضا قد مر في تجارب انتخابية عديدة منذ انتخابات 2005. وحتى الآن ولقد اكتسب ثقافة انتخابية تجعله يبحث عن الشخص الذي يتصف بالكفاءة والنزاهة والقدرة على إدارة الملفات المتعلقة بحياة المواطن العراقي. ومعالجة أخطاء الانتخابات السابقة والاتجاه صوب تغيير معايير بعض الناخبين. من الخيارات القومية والطائفية والحزبية الى الخيارات الوطنية، التي تضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل المصالح الأخرى.

ولقد جاءت توجيهات المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف لتتناغم مع هذه التوجهات الوطنية. حيث حثت المرجعية على اختيار المرشح النزيه والمخلص والكفوء. وهي تشجّع الجميع على المشاركة الواعية والمسؤولة في الانتخابات المقبلة. اذ تعتبرها الطريق الأسلم لتفادي خطر الوقوع في مهاوي الفوضى والانسداد السياسي حسب وصف المرجعية.

وهكذا نجد ان المرجعية الدينية تضع للمواطن العراقي بصورة عامة والناخب بصورة خاصة خارطة طريق لكي يختار من يمثله. ومن يسهم في تصحيح المسار ومعالجة الأخطاء، ليعمل الجميع باتجاه انتاج طبقة سياسية ناضجة تمتلك مقومات الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.

ما نريد ان نقوله ان خيارات الناخب وبرنامج المرشح في الانتخابات القادمة، يجب ان تكون تكريسا للمفاهيم الديمقراطية وعاكسة للنضج الديمقراطي المتأتي من خبرة السنوات الماضية، وان تصل الى درجة من الوعي تجعلنا نضع مصلحة الوطن والمواطن بالدرجة الاولى وضرورة مكافحة الفساد والتوجه صوب دولة المواطنة والكفاءات ودولة المؤسسات الدستورية، التي تضمن لأبناء الوطن الحرية والديمقراطية والعيش الرغيد.

زر الذهاب إلى الأعلى