كتب عبد الأمير المجر: لو ترك قطانا لنام!

 لم يعلم «عمرو بن مامة»، حين قرر في احدى الليالي، ان يطرق ديار قوم من مراد، ان زيارته تلك، ستترك خلفها مثلا، ظل العرب يرددونه الى اليوم.. كان الرجل قد مرّ، وهو في طريقه، على حقول ينام فيها القطا، فطار مفزوعا بشكل جماعي، ليحدث دويا، جعل امرأة من مراد تصحو خائفة لتوقظ زوجها، لتعرف سبب هذا الدوي.

 

اجابها الرجل والنعاس يملأ عينيه. انه القطا!. فردت عليه بالعبارة الشهيرة؛ لو ترك القطا ليلا لنام! أي ان هناك من أيقظه من نومه فطار مفزوعا.

من السذاجة القول، إن على العالم تركنا وشأننا، اقصد نحن شعوب ودول هذه المنطقة الغنية التي لم تعرف استقرارا حقيقيا منذ قرن واكثر، لان مصالح الدول الكبرى تستدعي البحث عن مجالات حيوية في الاقتصاد وغيره، وهو امر مفهوم، لكن من غير المفهوم هو زج شعب كل دولة في صراعات بينية مدمرة وتحت اغطية عقائدية مصنوعة ومتناشزة. حوّلت هذه البلدان إلى أراضٍ محروقة. وبأبنائها للأسف ..

 

يحضرني قول للناطقة باسم الخارجية الروسية ادلت به قبل سنين. ووجدت انه وضع النقاط على الحروف حين قالت؛ «ان عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وارتفاع مستوى الإرهاب الدولي. هو نتيجة للمغامرات العسكرية للدول الأعضاء في الناتو».. هذا الكلام لا يمكن أن يكون عفويا او انفعاليا.

 

وانما مبني على قراءة دقيقة ومتفحصة لما جرى.. المأزق الأكبر الذي دفعت الشعوب اليه هو ان السلطة باتت هدفا بحد ذاته بالنسبة للجماعات المحلية المتصارعة والصاعدة بقوة السلاح أو المال. وكل جماعة باتت لها مرجعية خارجية تدعمها وتتحكم بها، وفقا لمصالحها، وهكذا صارت مؤسسات السلطة في البلد الواحد ميدانا لصراع دولي يتخفى تحت مسميات محلية.

 

مثل الأحزاب والحركات والشخصيات الاجتماعية المعروفة.. ليبيا مثلا. بات لها ميدان للسلطة الموحدة، او هكذا يفترض، بعد ان استقر الامر نسبيا وحصلت مصالحة. لكن المشكلة القائمة هي في مرجعيات القوى المتصارعة. ولا يختلف الامر مع السودان واليمن وغيرها. وهو اخطر واسوأ ما شهدته شعوب المنطقة.

 

بمعنى أن «الرموز» السياسية التي تقف وراءها جماهير محلية متطلعة الى الخلاص من خلالها، بات القرار ليس بيدها وانما تعمل بإيحاءات خارجية. ما يعني أن استقلالية هذه الدول قد تبقى لأمد طويل مفقودة وأمنها القومي مهدد. لأنه سيكون محكوما بمعادلات خارجية قد تصل حد التصادم واشعال حرب أهلية في أي وقت وتحت مبررات شتى! فهل هناك مأزق أقسى من هذا الذي وصلناه؟!.

 

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: العراق أولاً

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: “العراق أولاً

 

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى