ما بعد الطوفان

الأمر الآخر الذي كشفته أحداث وارتدادات ما بعد طوفان غزة، أن العالم الغربي يتعامل بمنطق الأقوام البدائية، التي تتجمع تحت راية الانتماء العرقي أو العقائدي لتحارب وتغزو وتقتل.

 

د.عبد الخالق حسن

لم يكن الكثير ينتظرون أن تشتعل النار في الأراضي الفلسطينيَّة، ليتأكدوا من أن العالم الغربي الذي يدعي الإنسانية، هو ليس سوى تجمع رأسمالي متوحش، تديره نبوءات دينيَّة، ولا يهمه من أمر المخالفين له في العقيدة شيئا.

لأن الذي يجري اليوم على أرض غزة كشف للعالم أن الاستنفار الغربي اليوم في دعم الكيان الغاصب إنما يجري بوازع ديني، لم يتردد كبار المسؤولين الغربيين في التصريح به.

فالرئيس الأمريكي جو بايدن قال في خطاب له، بأنهم يعملون على حماية دولة إسرائيل اليهودية، في حين قال وزير خارجيته بأن سيزور إسرائيل لإطهار التعاطف من منطلق يهوديته.
أما التصريح الأبرز فكان على لسان السيناتور ليندسي غراهام، الذي تحدث فيه عن أن ما يجري اليوم هو حرب دينيَّة يخوضونها على أرض فلسطين.

إذن صار واضحاً بعد كل هذه المواقف والتصريحات بأن تسويق فكرة الغرب العلماني، والغرب البعيد عن التأثير الديني، والغرب الذي يتعامل بمنطق القوانين الوضعيَّة، هو تسويق يتم من خلاله خداع الآخرين، ويستبطن في داخله فكرة تجريد الأديان والعقائد المخالفة للعقيدة الغربية، من انتماءاتها الدينية، أو في الأقل زعزعة إيمان المسلمين وغيرهم بفاعلية دينهم.

الأمر الآخر الذي كشفته أحداث وارتدادات ما بعد طوفان غزة، أن العالم الغربي يتعامل بمنطق الأقوام البدائية، التي تتجمع تحت راية الانتماء العرقي أو العقائدي لتحارب وتغزو وتقتل.

أما الاختبار الأهم الذي سقطت فيه مصداقية الغرب، وانحدرت نحو الحضيض، فهو انسياق الإعلام الغربي خلف حكايات وتلفيقات إسرائيليَّة تتحدث عن عمليات ذبح جرت ضد الأطفال، وهي تلفيقات رددها حتى بايدن، ليكتشف الجميع لاحقاً أنهم مجرد أدوات يستعملها نتنياهو في حربه المتوحشة ضد المدنيين في غزة.

في استعادة مناظرة لحكايات الهولوكوست التي ابتزت بها المؤسسين للكيان الغاصب العالم، وما زالوا يبتزونه حتى اليوم.

والغريب أن دولاً كانت تنظر لها الناس باحترام، مثل ألمانيا، صارت تقف اليوم بصف العدوان الإسرائيلي، وتمنع حتى من يضع علامة إعجاب على منشور مؤيد للفلسطينيين، بل إنها بالفعل هددت المقيمين ممن يتعاطف مع الفلسطينيين بالترحيل.

لتسجل بهذا تراجعاً في رصيدها الحضاري والثقافي والإنساني. إذن، فإن ما بعد طوفان الأقصى، سيظل شاهداً على تخل

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى