حرب الفساد

كتب بشير خزعل: حملة الإبلاغ عن تضخم الأموال في الهيئة العامة للجمارك ودوائر الضريبة فتحت باباً آخر لمسألة الفاسدين عن مصدر تلك الأموال، بالقياس إلى دخلهم السنوي أو الشهري، وهو إجراء تأخر كثيراً خلال الأعوام المنصرمة التي نهبت خلالها عشرات مليارات الدولارات من دون أي مساءلة.

 

تحشيد الفعاليات الرسمية والمجتمعية أحد المظاهر المهمة في مواجهة تفشي الفساد المستشري بشكل علني بلا تخوف من المساءلة والقانون، فالأمر أصبح شبيهاً بواقع حال في أغلب المؤسسات والدوائر سواء في القطاع العام أو الخاص.

ولعل نشاط هيئة النزاهة في كشف ملفات الفساد ومطاردة الفاسدين وعمليات إلقاء القبض التي تطال أفراداً وجماعات، ولا سيما ما يخص مسؤولين مهمين في الدولة، يؤكد توجه الحكومة الجاد في محاربة الفساد، فحسب البيانات التي أعلنت عنها الهيئة، بلغت عمليات الضبط الكلية أكثر من 570 عملية منذ مطلع العام الحالي، وتم إصدار 89 أمر قبض واستقدام بحق كبار المسؤولين في الشهرين الماضيين فقط.

وضع رؤية استراتيجية تشمل إشراك المجتمع وتثقيفه للحد من الفساد، أمر مهم برغم صعوبة المهمة أمام تفشي فاسد مضاد يحارب من أجل مصالحه غير المستحقة على حساب المال العام ومصلحة المواطن، لكن الأهم في سياسة الدولة في محاربة الفساد هو عقد اتفاقات مع الدول الإقليمية والدولية التي ينشط فيها المال المنهوب، تهدف إلى وضع رؤية وإطار متكامل للحد من الفساد وإلقاء القبض على الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة.

الـعـراق إحدى الدول المنضمة لـ (اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد)، و(الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، ولذلك لا يمكن للغطاء السياسي أو السلطوي أن يحمي الفاسدين ممن تثبت إدانتهم بالدليل القاطع سواء كانوا خارج العراق أو داخله، كما تحتاج الدولة العراقية أن يكون قانونها واضحاً وصريحاً لا لبس فيه في ما يخص تداخل الصلاحيات في توفير متطلبات التحقيق، ومنح الصلاحية للجهة المختصة الوحيدة كهيئة النزاهة، فما زال بعض التداخل موجوداً بين الهيئة والأمن القومي، وهذا الأمر قد يؤدي إلى الالتباس في التعامل مع الإجراءات القانونية مع الدول التي تنشط فيها أموال الفاسدين، بقانون مكتمل خاص بهيئة النزاهة يمكن أن تطبق المساءلة (من أين لك هذا) على الجميع وليس على فئة من دون أخرى.

واجب الحكومة والمواطن محاصرة ظاهرة الفساد، وواجب المجتمع والعشيرة رفض مظاهر المباهاة والغنى على حسب العادات والقيم والتقاليد، وواجب القضاء والدولة تطبيق القانون بصرامة على الجميع سواسية من دون محاباة أو محسوبيّة أو جهويّة.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى