دوليَّة العلاقات العامة
كتب د. محمد وليد صالح: تحقيق قدر من الانسجام الجماعي وفق أدق فهم لثقافات الشعوب المختلفة وعاداتها، فالسمة الدوليّة لممارسة العلاقات العامة بصفتها أداة تأثير ذات خصوصيّة عالية غير نمطيّة أو محليّة أو إقليميّة ضيقة.
وأصبح نشاط الاتصال الفعّال لا يتوقف على مجرد نشر رسالة معينة وإنّما عملية تبدأ برسالة يتلقاها الجمهور المستهدف، تجذب انتباه هذه الجماهير فيفهمونها ويصدقونها ويستجيبون لها بالطريقة التي يريدها القائم بالبرنامج الاتصالي، وفشل في أي من هذه الأهداف فشلاً للرسالة ذاتها.. ولعل ذلك ما يجعل الاتصال نقطة مركزيّة لإدارة العلاقات العامة وممارساتها الممنهجة، عن طريق أساليب تتفاعل بطريقة تكامليّة فيما بينها، ومن أبرزها البحث العلمي والتخطيط والقيادة والتنسيق والمتابعة والاتصال والتقويم والتدريب والتمثيل والمفاوضة، فضلاً عن اعتمادها على نشر المعلومات والأفكار والحقائق مشروحة مفسّرة لجمهور المؤسسة للتعرّف على آرائهم، للوصول إلى الانسجام أو التكيّف وبلورة انطباعات ايجابيّة بينهما من أجل تحقيق أغراض اجتماعيّة أو اقتصاديّة أو ثقافيّة أو سياسيّة.
لا سيما أنَّ سمة العلاقات العامة الدوليّة بهدف بناء التفاهم المتبادل وتدعيمه، وإقامة تفاعل مشترك بين أفراد أو جماعات أو مؤسسات وجمهورها بنوعيه الداخلي والخارجي وحتى الدول والشعوب مع نظيراتها، التي تركز على حسن الأداء ومهارة العاملين في ذات المجال، فضلاً عن توجيه الرسائل الإعلاميّة عبر تقانة وسائل الاتصال التي تسهم في تحسين صورتها لدى الجمهور ومعرفة ردود أفعاله أزاءها باعتماد عملية الاتصال ذي الإتجاهين، ومن ثم تتحول إلى الاتصال التفاعلي والإلكتروني في تقديمها وعرضها، لكي تكون أكثر إقناعاً وقدرة على تحقيق مزيد من تطور المجتمع الإنساني.
وبشأن العلاقة بين العلاقات الدولية الدبلوماسية والعلاقات العامة، تعد الأولى ظاهرة التفاعلات السياسية وغير السياسية المتبادلة بين أعضاء المجتمع الدولي، لمعرفة سلوك الجماعات السياسية وسلوك الأفراد والمساعدة على فهم القضايا السياسية وأحداثها، بواسطة أساليب الدبلوماسية ضمن سياسة الدولة الخارجية، والاتصال والإعلام والنتائج المحتملة، فالدبلوماسية، أما الأخرى فهي جهود اتصالية وأساليب ممنهجة تهدف إلى تحقيق التفاهم المتبادل وتحسين الصورة الذهنية بين الدولة والمؤسسة وجمهورها الداخلي والخارجي.
وتظهر هنا ممارسة العلاقات العامة لوظائفها الدولية في نشر الثقافة العالميَّة عن طريق عمليات تسويق للثقافات والمعارف العالميَّة وتصدير الأفكار والفنون والآداب والعلوم من دولة إلى شعوب ودول أخرى عبر الجماعات المؤثرة وقادة الرأي ضمن الدبلوماسية الرسمية والشعبية، وزيادة تأثير الرأي العام العالمي بمعنى أن الدول لا تستطيع أن تعيش طويلاً في عزلة، وعادة لا تعبأ بالرأي العام الدولي إذا تعارض هذا الرأي مع ما تراهُ هي محققاً لمصالحها، فضلاً عن ممارستها في محيط دولي أو عابر للثقافات كجزءٍ من عملية التعاون الدولي وتأثير المنظمات الدوليّة والإقليميّة لكسب ثقة الجمهور، وسعة الانفتاح العالمي نحو المعرفة والحد من ظاهرة احتكار المعلومات نظراً لحاجة المجتمع للمشاركة في المجتمع والرغبة في سرعة معرفة الأخبار ودخول تقانات الذكاء الاصطناعي والاتصال الجديد والاتجاه نحو أساليب الرفاهيَّة في الحياة.
إذ تلتقي زيادة الروابط الدوليّة على المستوى الإنساني ومضاعفة قنوات الاتصال بين الناس ذوي المصالح المشتركة بشأن أهداف أعضاء المجتمع المتجانس والمتعاون على المستوى الرسمي وغير الرسمي، وإرساء قواعد السلام والتفاهم بين الشعوب.