محاولة اغتيال ترامب الفاشلة.. الدرس
كتبت اسيا العتروس.. الدرس الاول الذي يتعين استحضاره بعد محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها الرئيس الامريكي السابق والمرشح الجمهوري للانتخابات البيت الابيض في نوفمبر القادم انه من حسن حظ امريكا انها تجاوزت خطرا حقيقيا كان يمكن ان يدفع بها الى حرب اهلية ثانية وانقسامات نجح الشعب الامريكي بكل مكوناته في تخطيها منذ عقود.
هذا ليس الدرس الوحيد الذي ادركه ساكن البيت الابيض و منافسه حيث عجلا بدعوة الامريكيين الى جمع الصفوف و التخلي عن حملات التحريض و الكراهية التي باتت سيد المشهد ..
وقناعتنا انه لا احد بامكانه تخيل ماكان سيؤول اليه الامر لو حققت العملية هدفها.. نقول هذا الكلام و نحن ندرك ان خطاب العنف والكراهية و الغاء الاخر والتحريض اذا ما تجاوز الحد يمكن ان يكون قاصما للديموقراطية مهما كانت عريقة و يدفع بها الى اتون المجهول … وما حدث ليس سابقة فقد تعرض ترومان ومن بعده رونالد ريغن في 1986 الى حادث مماثل خرج منه سالما ولكن الامر لم يكن كذلك بالنسبة للرئيس كينيدي الذي بقيت عمليه اغتياله محاطة بكثير من الغموض..
واما الدرس الثاني الذي سيتعين استخلاصه وهو درس عابر للقارات و يتجاوز حدود امريكا القوة الاولى العسكرية والسياسية المتنفذة في العالم التي يتاكد اليوم انها ليست بمنأى عن الانجرافات عندما يتعلق الامر بالشعبوية المفرطة و ما تجده لدى العامة من دعم وارتياح.
ولعل فيما سجلته مسارات الانتخابات في فرنسا و المانيا من صعود لليمين المتطرف ما يعزز القناعة بأن اخر ما يحتاجه العمل السياسي ومقتضيات لعبة الديموقراطية و المنافسة النزيهة هو خطاب تحريضي لا يثمر غير العنف السياسي والانقسامات
اما الدرس الثالث من بين دروس كثيرة يمكن استخلاصها من هذه الحادثة أنه سيتعين على النخب الامريكية والساحة السياسية عموما التمعن جيدا فيما حدث والاعتراف بانه كما للخطاب السياسي التحريضي الامريكي تداعياته في الداخل , فان له ايضا تاثيراته وتداعياته في الخارج عندما يتعلق الامر بالمعاييرالمزدوجة للسياسة الخارجية الامريكية و ما تحتمله من تاويلات خطيرة خاصة عندما يتعلق الامر بقضايا الشعوب العربية والحقوق المشروعة للشعوب المستضعفة التي تدفع ثمار هذه الخيارات الظالمة في احيان كثيرة …
والامثلة كثيرة ومتعددة واخطرها ما يحدث اليوم من ابادة و من دماروتجويع في حق الشعب الفلسطيني عموما وفي حق اهالي غزة و نساءها و اطفالها ..و الاكيد أن ما حصل يفترض أن يدق كل نواقيس الخطر لدى صناع القرار الامريكي الذين سيتعين عليهم ايقاف خطاب التحريض العنصري قولا و فعلا الذي يقوده رئيس وزراء كيان الاحتلال ناتنياهو الذي يستعد خلال ايام لزيارة واشنطن و القاء خطاب في الكونغرس رغم كل الحملات الاحتجاجية والانتقادات الرافضة لهذه الخطوة الداعمة لمجرم الحرب وزمرته التي تعتبر “الشعب الفلسطيني حيوانات بشرية لا تستحق الحياة” …
طبعا ندرك جيدا خطورة و حساسية المشهد القادم من بنسلفنيا , وندرك ايضا ما يمكن ان يؤول اليه خطاب الكراهية والاحقاد والتحريض والتشفي و الرغبة في الانتقام عندما يسود و يطغى على الخطاب السياسي المطلوب لتوحيد صفوف ابناء الشعب الواحد و رفض تحويل المعارك الانتخابية الى معارك انتقامية قاتلة لتصفية الخصوم ..
… نعم في لحظات كانت الصورة تجوب العالم و تنقل اخبار محاولة الاغتيال الفاشلة للرئيس الامريكي السابق ترامب… و لعلنا لا نبالغ اذا اعتبرنا ان خطاب المؤامرة والتحريض و الشيطنة الذي بات اليوم خطابا عابرا للقارات يمكن ان يقود الى ما لا يمكن توقعه اذا تجاوز الحدود …
طبعا ستلقي الصورة بضلالها على السباق الانتخابي الى البيت الابيض .. والارجح ان ما حدث سيعيد خلط الاوراق قبل الموعد الانتخابي ..الشعبوية والتطرف والعنصرية اعداء الديموقراطية و بقدرما تكون الشعوب متشعبة بالقيم و المبادئ الديموقراطية و التعددية و قبول الاختلال ورفض الغاء الاخر بقدرما تكون قادرة على على تجاوز هذه الاختبارات الحاسمة