لبنان أرض البطولة
كتب حسين علي الحمداني: ظل الجنوب اللبناني عصياً على الأعداء الذين لا يجيدون سوى التدمير، لكنهم لا يعرفون إن للقرى والضيعات رائحة لا يمكن أن ينساها أبناء الجنوب، وإن ابتعدوا عنه بضعة أشهر، ثمة حنين يقودهم للعودة حتى وإن كانت قراهم مجرد أنقاض وركام حجارة، لأنهم يدركون جيداً أنها أرضهم التي من أجلها ارتفعت أرواح الشهداء مقاتلين وقادة.
تلك الأرض التي ظلت تكتب قصص البطولة منذ عقود طويلة، قصص أثلجت صدورنا وهزت مضاجع الأعداء الذين أرعبهم صمود هذه الأرض وبسالة جندها.
الجنوب اللبناني هو العنقاء التي تنفض رماد النار والحرب وتحلق من جديد في فضاء الكرامة والحرية، لتضيف لسجل التاريخ أياماً مجيدة أخرى امتزجت فيها التضحية بالعزيمة بالإصرار بالنصر، على همجية الأعداء الذين ارتكبوا شتى الجرائم بحق الجميع.
نحن ما زلنا نتعلم من الجنوب اللبناني كيف نصبر وننتصر، كنت أرى فرحة أهل الجنوب وهم يتجهون صوب قراهم بلهفة كبيرة لا يمكن أن تراها إلا عند عشاق الأرض والأوطان، أولئك الذين حضنوا جدران بيوتهم المهدمة وعانقوها وطبعوا قبلاتهم على حجارتها التي كتب عليها ذكريات طفولتهم وصباهم وشبابهم وجهادهم.
لبنان البلد الصغير بالمساحة، الكبير بالتاريخ، المكتظ بالكرامة والكبرياء، وشعبه المتنوع دينياً وعرقياً يعلمنا كيف تنصهر كل العناوين في بودقة الوطن وتلتف حول بعضها البعض، لنرى الأرز وهو يشمخ كجبال لبنان وسواحله وهضابه وسهوله، لبنان ينفض رماد الحرب وكان اليوم التالي يوم نثر الورود على جنود لبنان ومقاتليه، الذي تحدوا العدوان وقاموا وكتبوا سفراً آخر في الخلود.
اليوم التالي في الجنوب اللبناني يعني إعادة ما دمره الصهاينة من دور ومساجد ومدارس وشوارع، اليوم التالي هنالك هو للبناء وإعادة الإعمار، وعلينا جميعاً كعرب ومسلمين أن نقف معهم وندعمهم لتجاوز مرحلة مهمة وتكون لنا وقفة تأريخية.
ونحن في العراق من أوائل الذين أعلنوا دعمهم، سواء لغزة أو لبنان وتجسد ذلك في قوافل كثيرة حملت ما حملته من مساعدات، واليوم على لبنان وجنوبه أن يشعر إن عمقه كل العرب والمسلمين، الذين تقع عليهم مهمة إعادة إعماره، لتكون صفحة نصر جديدة شعارها إن الحروب لا توقف الحياة مهما كانت قساوة هذه الحرب.