المراهق الذي أرهب أمريكا في الخمسينيات
قصّة هذا القاتل المتسلسل شديدة الغرابة، ليس فقط لأنّه قاتل متسلسل في سن التاسعة عشر فقط، ولكن لأنّ بداية عملياته الإجرامية كانت بقتل أمّ حبيبته وزوجها. لكنّ الغرابة لا تنتهي هنا أيضاً، فعلاقته بحبيبته التي كانت طفلة عندما تعرف عليها (14 عاماً) كانت غريبة أيضاً، وعلى كلٍّ كان تشارلز هذا مراهقاً قضّ مضاجع أمريكا نهاية الخمسينيات.
بداية الاضطراب من الطفولة
كانت رحلة تشارلز ستاركويذر قصيرة المدى زمنياً، لكنهّا بعدد كبير من الضحايا، فجميع ضحاياه الـ11 وقعوا جميعاً في شهرين فقط عام 1958. وربما يمكن اعتبار تشارلز أشهر القتلة المتسلسلين في الخمسينيات في أمريكا، رغم كونه مراهقاً لم يتجاوز 19 عاماً.
وقد كانت حبيبته وشريكته كاريل آن فوغيت (14 عاماً) إلى جانبه في جميع هذه الجرائم، بدايةً من قتل عائلتها حتّى آخر ضحية لهما.
وُلِد تشارلز في 24 من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1983، في ولاية نبراسكا، وهو الطفل الثالث لوالديه.
ورغم أنّه عاش حياة “الطبقة المتوسطة الطبيعية”، فإنّ عانى من البطالة المتكررة بسبب التهاب المفاصل الروماتويدي الذي كان يُعيق حركته، وقد كان والده نجاراً. وقد عملت والدته نادلة للمساعدة في إعالة العائلة.
تعرّض تشارلز في طفولته إلى التنمُّر في المدرسة، لأنّ قدميه كانتا مقوّستين بعض الشيء، وكان يتلعثم أثناء الحديث. لكنّ أحداً من زملائه في المدرسة لم يكن يتخيّل أن يرعب هذا الطفل بعد سنوات قليلة ولاية نبراسكا كلها.
ترك تشارلز المدرسة الثانوية، وعمل في مستودع إحدى الصحف، وخلال عمله في تلك الفترة التقى بحبيبته كاريل آن فوغيت.
كانت طريقة تعرُّفه على رفيقته في الإجرام غريبة أيضاً، فقد التقاها من خلال صديقته السابقة التي هي أخت كاريل الكبرى.
كان سنّ الرشد في ولاية نبراسكا في ذلك الوقت 16 عاماً، وهكذا بالطبع كانت علاقة تشارلز بكاريل غير قانونية. وأي علاقة جسدية بينهما حتّى لو برضاها يعتبر أمام القانون اغتصاباً.
لم تكن قضية اغتصاب مثل هذه لتشعر تشارلز بأي مشكلات، فهو الآن على وشك التحوُّل لقاتل متسلسل عشوائي.
في تلك الفترة اندلع شجارٌ داخل منزل تشارلز، وانتهى المطاف بطرده من منزل العائلة تماماً. عمل بعدها تشارلز جامع قمامة، وأثناء العمل كان يُخطط لسرقات المنازل.
القاتل المتسلسل المراهق تشارلز ستاركويذر وحبيبته كاريل
كانت أولى جرائم تشارلز عام 1957، عندما كان يريد شراء دمية من محطة وقود محلية بالتقسيط، وحين رفض العامل إعطاءه إياها أخذها تحت تهديد السلاح واقتاد الرجل إلى غابةٍ قريبة وقتله رمياً بالرصاص على رأسه.
بعدها بشهرين في يناير/كانون الثاني 1958 ذهب تشارلز إلى منزل صديقته الطفلة كاريل، ويبدو أنّ والديها طلبا منه الابتعاد عن كاريل، لكنّ تشارلز قتلهما بالرصاص، ثمّ قتل ابنتهما الصغيرة ذات العامين خنقاً.
وغير معروف بالضبط ما إذا كانت كاريل قد شاركت في هذه الجريمة أو لا، ففي التحقيقات معها أصرّت كاريل أنّها لم تشارك في الجريمة، وأنّها كانت رهينة لدى تشارلز، بينما أصرّ تشارلز أنّها شاركته في الجريمة بقتل أمها وزوج أمها.
الغريب أنّ تشارلز وكاريل أقاما في منزل العائلة عدة أيام قبل أن يرحلا عنه تاركين لافتة مكتوباً عليها “لا تدخل المنزل جميعنا مصابون بالإنفلونزا”.
ومن منزل العائلة انطلق تشارلز وكاريل إلى منزل صديق العائلة أوغست ماير، وقتله هو وكلبه بالبندقية. ويبدو أنّهما ارتبكا من هذه الجريمة فحاولا الفرار، وأثناء فرارهما تعثّرت السيارة في الوحل، حاول مراهقان مساعدتهما، لكنّ مساعدة مع قاتل متسلسل مثل تشارلز ستنتهي نهاية غير مألوفة.
أطلق تشارلز النار على الصبيّ وحاول اغتصاب الفتاة، لكنّه فشل، فأطلق النار عليها. في التحقيقات زعم تشارلز أنّ كاريل هي من أطلقت النار على الفتاة، لكنّ كاريل أنكرت هذا الادعاء.
المراهق لا يتوقّف عن القتل العشوائي
كانت محطة تشارلز وكاريل القادمة منزل رجل الصناعة سي لاور وارد. وبعد أن طعن خادمته حتى الموت، قتل تشارلز كلب العائلة، ثم طعن زوجته حتى الموت، وعند وصول الرجل إلى المنزل أنهى تشارلز حياته بإطلاق النار عليه، ثم نهبا المنزل وبحثا عشوائياً عن سيارة جديدة للهروب.
حينها التقيا بميرلي كوليسون الذي كان نائماً داخل سيارته. وللحصول على سيارته أطلق الثنائي النار عليه وأردياه قتيلاً، وفي حين زعم تشارلز أنّ كاريل كانت هي من ضغطت على الزناد، أنكرت كاريل بشدة أيضاً قتل كوليسون أو أي شخصٍ آخر من ضحايا تشارلز.
كانت سيارة كوليسون تحتوي على آلية فرامل غير مألوفة لتشارلز، ونتيجةً لذلك توقّفت به السيارة وهو يحاول القيادة مبتعداً، وتوقّف سائق دراجة نارية ليحاول مساعدته، لتنشب بينهما مشاجرة. وحين هدّده تشارلز بسلاحه ظهر ضابط الشرطة ويليام رومر.
بمجرد رؤية الضابط، ركضت إليه كاريل وقالت إنّ تشارلز قاتل، لكن تشارلز اختطفها في مطاردةٍ عالية السرعة مع الشرطة، قبل أن يتوقَّف حين حطَّمت إحدى رصاصات الضابط زجاجه الأمامي وقطعت أذنه.
لاحقاً أفاد أحد الضباط الذين قبضوا عليه بأنّه يعتقد أنّ تشارلز اعتقد أنّه ينزف حتى الموت. وهذا هو سبب توقفه أثناء المطاردة.
القاتل المراهق يواجه الإعدام
بعدما أُلقيَ القبض على تشارلز حوكم بتهمة واحدة فقط: القتل من الدرجة الأولى لروبرت جينسن. وحينها، اختار تشارلز طواعيةً ترحيله من ولاية وايومنغ إلى ولاية نبراسكا، لاعتقاده بأنّ المدعين العامين لن يطلبوا له عقوبة الإعدام، نظراً لأنّ حاكم الولاية آنذاك كان ضد عقوبة الإعدام.
لكنَّ الحاكم قرر تغيير رأيه ولهجته تحديداً من أجل تشارلز. وأثناء المحاكمة، غيّر تشارلز روايته عن جرائمه عدة مرات. فأولاً، قال إنّ كاريل لم تكن موجودةً مطلقاً في جرائمه، ثم قال إنّها كانت شريكةً له برغبتها. وفي إحدى المرات حاول محاموه الجدال بأنّه مجنون من الناحية القانونية، لكنّ كل هذا لم ينفع.
لم تصدّق هيئة المحلفين أياً من ادعاءاته، وأُدين في النهاية بالقتل وحكم عليه بالإعدام. وقبل إعدامه قال تشارلز إنّ كاريل يجب أن تلقى نفس مصيره.
نفّذت ولاية نبراسكا إعدامه بالكرسي الكهربائي في الـ25 من يونيو/حزيران عام 1959. ودُفِنَ إلى جانب خمسةٌ من ضحاياه في ولاية نبراسكا.
لكنّ قصة حبيبته كاريل انتهت بشكلٍ مختلف بعض الشيء، فطوال محاكمتها تمسّكت كاريل بقولها إنّها كانت رهينة تشارلز وإنه هددها بقتل عائلتها إن لم تتبعه، دون علمٍ منها بأنّه قتل والديها بالفعل. وأضافت أنّها كانت خائفة للغاية بدرجة منعتها من الهروب.
كان رأي القاضي أنّها كانت تمتلك فرصةً كبيرة للفرار، فحكم عليها بالسجن المؤبد، وبهذا صارت أصغر شخصٍ في التاريخ الأمريكي يُحاكم بتهمة القتل من الدرجة الأولى.
المصدر: عربي بوست