كتب اياد مهدي عباس: انتظار المواطن
اعتاد المواطن العراقي أن يعيش في دوامة الانتظار والترقب بعد كل انتخابات برلمانية تجري في العراق. بسبب تأخر تشكيل الحكومة وما يرافق تشكيلها من صراع سياسي بين المكونات والكتل السياسية يتخطى في أغلب الأحيان الاستحقاق الإنتخابي.
ويعيد انتاج الوجوه السياسية السابقة المتهمة بالتقصير والفساد.
حيث تمر البلاد خلال هذه الفترة بفراغ حكومي يُلقي بظلاله على حياة الناس ويضر بمصالحهم العامة والخاصة.
وفي كل مرة تكون أسباب تأخر تشكيل الحكومة هو الخلاف بين الكتل والأحزاب حول تقاسم المناصب والوزارات. والاختلاف حول من يتولى منصب رئاسة الوزراء، ثم بعد ذلك النزاع داخل الكتلة الواحدة حول من يشغل ذات المنصب. إضافة إلى رفع سقف المطالب من قبل بعض الكتل عند التفاوض مع الكتلة الاكبر التي يناط بها تشكيل الحكومة ومحاولتها انتزاع أكبر قدر ممكن من التنازلات والمكاسب الحزبية والشخصية بدون مراعاة المصلحة العامة للبلاد. فتدخل العملية السياسية بعد كل انتخابات ماراثون الابتزاز السياسي وتحول منازل المسؤولين الى مزاد لبيع الوزارات وشراء المناصب، متجاهلين بذلك مطالب المواطن العراقي ورغبته في تشكيل حكومة قوية تتجاوز أخطاء الحكومات السابقة وتؤسس الى مرحلة جديدة من البناء والتنمية والتقدم وتعويضه عما فاته من نقصٍ كبيرٍ في الخدمات والتطور.
وبالعودة الى الإنتخابات البرلمانية الأخيرة التي أجريت في العاشر من تشرين الاول من عام 2021 فإن جميع المعطيات السياسية على أرض الواقع، تشير الى أن تشكيل الحكومة الجديدة ما زال بعيد المنال، بسبب عدم قناعة بعض الكتل السياسية بنتائج الانتخابات والطعن في مصداقيتها أمام المحكمة الاتحادية، على الرغم من الاشادة الكبيرة في نزاهتها من قبل المراقبين والمهتمين في الشأن الانتخابي.
لذلك من المتوقع أن يستغرق تشكيل الحكومة المقبلة فترة زمنية اطول من الحكومات السابقة. ما يشكل ذلك صدمة للناخب العراقي الذي أدلى بصوته في الانتخابات الأخيرة وهو على أمل احداث تغير إيجابي، خصوصاً بعد التغير الذي طرأ على قانون الانتخابات الأخيرة ومنح فرصة للمستقلين للوصول الى مركز القرار السياسي وتشكيل سريع للحكومة القادمة وجعلها قادرة على أن تلبي مطالب الشعب العراقي في الإصلاح والتنمية ناهيك على ان تأخير تشكيل الحكومة له آثاره السلبية على المواطن كتأخير اقرار الموازنة العامة لعام 2022 وما يترتب عليها من تبعات اقتصادية ومالية كبيرة، إضافة الى الأضرار بسمعة العراق الدولية واعطاء صورة غير ايجابية عن العراق في المجتمع الدولي.
ما أريد قوله إن تشكيل الحكومة بصورة سريعة وتجاوز بعض المصالح الحزبية والشخصية أمرٌ ضروري ومهم للجميع، لأن وجود الحكومة يعتبر عامل اطمئنان، فهي الملاذ الأمن لكل مواطن عراقي ومنها يستمد قوته ومواصلة حياته بصورة طبيعية والعيش في كنفها بأمان واستقرار.
لذا إن إطالة فترة الفراغ الحكومي من أجل المصالح الفئوية والحزبية وإصرار أغلب الكتل على نهج المحاصصة السيئ الصيت وعدم تقبلها نتائج الانتخابات بروح ديمقراطية واخذها بنظر الاعتبار مصلحة المواطن، والبلد ستكون له تداعيات سلبية على مستقبل الانتخابات القادمة ومستقبل العملية السياسية برمتها، لذا على الكتل التي خسرت بعض مقاعدها البرلمانية في الانتخابات الماضية أن تعمل على كسب ثقة الناخب من جديد وان تسعى الى إعادة تقويم أدائها وإصلاح مواطن الخلل فيه وتجنب دخول البلاد في مستنقع الخلاف المسلح، الذي يؤدي الى تمزيق وحدة العراق ونسيجه الاجتماعي لا سمح الله.