كتب يحيى حسين زامل: الانغلاق الثقافي
نستطيع أن نقول إن المجتمعات الشرق أوسطية منغلقة على ذاتها وثقافتها، وما أن تخطو خطوة أو بضع خطوات نحو التغيير حتى تتراجع خطوات بما يسمى في عرفنا السياسي {المربع الأول}، ويبدو ذلك واضحاً في تجربة الانتخابات في العراق.
فلا أحد إلى الآن يقتنع بها على الرغم من مضي عشرين عاماً على بدئها بصورة أكثر جدية بعد أن كانت صورية أو شكلية في زمن النظام السابق.
وما نشهد هذه الأيام من أحداث واعتراضات واحتجاجات وصدامات على نتائج هذه الانتخابات والمطالبة بإلغائها، ما هي إلا تعبير عن عدم إدراكنا لماهية الانتخابات ومفاجآتها وتحولاتها وتغيراتها.
لذلك دائما ما يتهم الخاسر الانتخابات بالتزوير والتلاعب، وبصرف النظر عن نتائج انتخاباتنا وكونها مزورة أم لا، فإننا نبحث عن جوهر عملية الانتخابات ومدى قبولها ونجاحها في ثقافة مثل ثقافتنا؟، وهل هي معبرة عن رأي المجتمع، أم هي لعبة سياسية يفوز بها الذي يجيدها بغض النظر عن تمثيله لشريحة كبيرة من مجتمعه؟، يعني أنها لعبة أكثر من كونها تمثيلاً حقيقياً عن جوهر المجتمع، واستغلال بعض الظروف المناسبة.
وما محاولة الاغتيال الأخيرة لرئيس مجلس الوزراء العراقي التي أعُلن عنها، إلا تذكيراً لنا بأننا لم نغادر ثقافة الانغلاق، وأننا لا نستطيع أن نجيد اللعبة السياسية، بل أكثر ما نجيده لعبة العنف وضرب الرأس بالجدار، وهذا ما نلمسه في الخطاب السياسي لأكثر الكتل السياسية، إذ لاحظنا أن العديد من الكتل يحتوي خطابها على تلك المفردات التي لا تؤمن بأي نتيجة انتخابية، لتعبر عن ثقافة دخيلة لا نستطيع التعامل معها.
ولعلنا نشهد بين مدة وأخرى من يحنّ إلى ثقافة النظام السابق، ثقافة الانغلاق على الرئيس الواحد والحزب الواحد والرأي الواحد على الرغم مما حصل في تلك العقود من مآسٍ وويلات وحروب وقتل وسجن وتعذيب.
ويبدو أنه طعم استساغه العديد من أفراد الشعب وتفاعل معه بشكل إيجابي، ويبدو أن طعم العبودية في تلك العقود ألذ من ديمقراطية بلا طعم ولا لون ولا رائحة، وحرية أشبه ما تكون بالفوضى، النظام الثقافي يدافع
عن نفسه ويأبى التغيير، كما في أفغانستان بعد عشرين سنة من الانتخابات والتغيير والتسليح والتجهيز رجعوا إلى نظام طالبان لأنها ثقافات تكاد تكون منغلقة على ذاتها وعاداتها وتقاليدها وبكل ما تحمل من تاريخ ورموز ومقدسات.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: العراق أولاً
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: “العراق أولاً“