أخر الأخبار

مساهمة المنظمات غير الحكوميَّة في إشاعة ثقافة الدفع الإلكتروني

كتب د. أركان كيلان: إن العملات سواء كانت مادية (ملموسة) مثل الأوراق النقدية والنقود المعدنية أو غير مادية (غير محسوسة) مثل النقود الرقمية أو العملات الإلكترونية. يشتركان بخصائص متماثلة من حيث الوظيفة، فهي تسمح بالتعاملات والتداول والمقايضة، من أجل الحصول على السلع والخدمات كالغذاء والدواء والملابس والحاجات الضرورية الأخرى للحياة.

 

يبدو من ذلك أن العملات سواءً كانت مادية أو غير مادية ما هي إلا رقمٌ يتم التداول فيه من أجل المقايضة وتحقيق التبادل، فنلاحظ بأن جميع العملات تحمل أرقاماً تدلُّ على قيمتها ومكانتها حتى في السابق عندما كانت النقود المعدنية المصنوعة من المعادن، مثل الذهب والفضة والنحاس تعتمد قيمتها على نوع المعدن والوزن، وبالتالي ما هي إلا رقم.

يعني مجمل الفكرة وبالأساس هي عملية تبادل أرقام من أجل الحصول على السلع والخدمات، وفق مبدأ تبادل ومشاركة الفائض عن الحاجة مع الآخرين، من أجل الحصول على أرقام يستفاد منها لاحقاً باقتناء فائض الآخرين من الممتلكات الأخرى، سعياً للوصول لتحقيق الاكتفاء والرفاهية والترف أو حياة كريمة.

فالعقل البشري أنتج فكرة المال كوسيلة للتبادل وطريقة للدفع ومعيار للقيمة والثروة، وحقق بذلك العدالة وميَّز بين من يعمل ومن لا يعمل، وحدد مقياساً لفرق الجهد والنشاط البشري.

ومن أهم مؤشرات الحضارة هو ظهور وسائل حديثة، تحقق النظام والعدالة والقانون والرفاهية فالحضارة نظام.

فقد وصل التطور الآن بظهور وسائل حضارية لتبادل الأرقام غير المادية بين الآخرين من أجل الحصول على الرغبات الإنسانية عبر بطاقات إلكترونية ملموسة مصنوعة من مواد صديقة للبيئة وطويلة الأمد محددة بتاريخ نفاذية من أجل ضمان كفاءتها، وتحتوي جميع بياناتك الشخصية وبطريقة مشفرة وأمينة وسهلة بالتداول، وغير قابلة للتلف أو التزوير، فهي تحمل كلَّ مدخراتك من الأرقام الناتجة من عملك وجهدك بجيبك، ومنحت هذه البطاقات أسماء من قبل مصنعيها مثل: (فيزا كارت) (ماستر كارت) (كي كارت).

أو وسيلة أخرى مثل الحافظات الإلكترونية أو الجيوب الإلكترونية، التي يمكن إنشاؤها في هاتفك أو حاسوبك الشخصي بكل سهولةٍ وأمان ويمكن الإطلاع على أرقامك وتحويلها وتتبعها بكل ثقة ويسر ومعظم شركات الاتصالات بالعراق، تمتلك حافظات إلكترونية مثل (زين كاش) (آسيا بي).

يتضح أن الحضارة وصلت لمرحلة من النضوج والتطور وحولت المال إلى أرقام غير مادية، يتم تداولها عبر وسائل حديثة مثل الهواتف المحمولة وبدرجة عالية من التنظيم والأمان والثقة بالتبادل، من أجل الحصول على السلع والخدمات ووسيلة لحفظ المدخرات والثروة.

إذن ما هو دور المنظمات غير الحكومية في العراق من هذه التطور في مجال التبادل والتعامل الإلكتروني؟

وما مدى مساهمتها في إشاعة ثقافة الدفع الإلكتروني؟.

تعدُّ المنظمات غير الحكومية في العراق حاضنات مجتمعية لكل الأطياف، وبمختلف المستويات والثقافات حسب اختصاصاتها وأهدافها، التي تأسست بموجبها وأدت أدواراً بارزة ومؤثرة في مجالات مختلفة، وساهمت وساعدت في تقليل آثار ونتائج الأزمات والصراعات، من خلال التوعية والتدريب وتطوير الكوادر ومعالجة التقلبات المجتمعية والظواهر وتقديم المساعدات وإغاثة المحتاجين وغيرها، على الرغم من تعرضها عبر وسائل الإعلام غير المهنية إلى اتهامات وأكاذيب وتهجم من أفراد غارقين في نظرية المؤمرة، يجهلون وجودها ولا يفقهون أهميتها وأدوارها، يبحثون فقط عن الظهور وتسليط الأضواء والشهرة السلبية عبر الكذب والتلفيق والحركات البهلوانية.

اليوم ندعو المنظمات غير الحكومية المحلية والأجنبية إلى أخذ دورها في إشاعة ثقافة الدفع الإلكتروني في المجتمع ومواكبة العالم المتحضر، ويجب التركيز على الفئات المجتمعية، التي لا تمتلك دراية ومعرفة كاملة بالتطور الإلكتروني.

مهمة المنظمات هو العمل على تغيير سلوك الناس في التعامل مع المال وترك التداول بالعملات الورقية والانتقال إلى استخدام البطاقات والحافظات الإلكترونية، عبر إظهار ونشر مميزاتها وزرع ثقة الناس بها من خلال تأكيد وضمان على عدم سرقة أموالهم أو استغلالها واستثمارها وعدم وجود ضريبة عليها أو فوائد أو رسوم عند استخدامها.

من خلال توعية الناس بأمان الدفع الإلكتروني والتشجيع على استخدامه لأنه مرن وسهل وأمين.

ومن أبرز مميزات الدفع الإلكتروني هي كما يلي:

 

1 – التخلص من العملات المزورة.

2 – تجنب الحصول على العملات التالفة.

3 – صعوبة سرقة الأموال لأنها محفوظة ببطاقة لا أحد يعرف رقمها السري.

4 – تضمن استقطاع المبلغ من قبل البائع كما هو بلا إضافات ولا مكافآت.

5 – التخلص من موضوع عدم وجود فكه (صرف) أو ما يسمى (باقي).

6 – سهولة في حمل مبالغ كبيرة دون الحاجة إلى حملها بمحفظة أو كيس.

7 – أمان وثقة في استحصال المبالغ من قبل البائع لأنك ستحصل على فاتورة بالمبلغ المستقطع.

8 – تساعدك على الادخار وتتبع أموالك وانتقالها من خلال برامج إلكترونية مؤمنة وسريعة وتحصل على رسائل نصية أو إلكترونية بكل حركة للأموال.

9 – التخلص من السهو والأخطاء في استحصال المبلغ وتضمن عدم استغلال النفوس الضعيفة لك خاصة بالنسبة إلى كبار السن وغير المتعلمين.

10 – سهولة بتحويل الأموال وايداعها.

11 – تساهم في تقليل هدر الدولة للثروات من اجل طباعة العملات الورقية الاضافية.

12 – تساهم في القضاء على الفساد والرشوة وغسل الأموال وتهريبها.

13 – بالإمكان استخدامها داخل وخارج العراق.

14 – تضمن لك الراحة في تسديد جميع مستحقاتك من السلع والخدمات دون اللجوء إلى الخروج من البيت وبذلك تتخلص من الازدحام المروري والروتين.

يتضح من ذلك أن الدفع الإلكتروني يضمن لك سهولة بالوصول إلى أموالك ويوفر الوقت والجهد.

تحديات الدفع الإلكتروني في العراق هي ما يلي:

 

1. تغيير سلوك الناس صعب ويحتاج إلى وقت وجهد ومعرفة وصناعة رأي عام، لأن بطبيعة البشر مقاومة التغيير المفاجئ لكن بالتدريج يصبح ثقافة عامة ومتداولة.

2. عدم توفر أجهزة الدفع الإلكتروني بشكل واسع.

3. الكهرباء وخدمات الإنترنت ضعيفة.

4.الإشاعات.

مساهمة المنظمات غير الحكومية في إشاعة ثقافة الدفع الإلكتروني في العراق ستكون متروكة لسياسة كل منظمة حسب اختصاصها وإمكانياتها المتاحة، لكن ندعو المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص خاصة المصارف وشركات الدفع الإلكتروني وشركات الاتصالات، لتقديم الدعم المالي واللوجستي لها خدمة لصالح العام.

باحث في شؤون المجتمع المدني

 

 

 

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى