مسودات الخطوط الروسيّة الحمراء في الأجواء السامّة
في محاولة مكشوفة لكسب المزيد من الوقت، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: “لا توجد خطط لعقد اجتماع مباشر بين الرئيس بايدن ونظيره الروسي بوجود الحشود العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا”.
وأبدى استعداد بلاده “في أوائل العام المقبل” للتفاعل الدبلوماسي وخوض مفاوضات أمنية مع موسكو على أساس ثنائي.
وفي تبادلٍ واضحٍ للأدوار، رفض رئيس حلف الناتو بنس ستولتنبرغ مسودة المقترح الروسي. بحجة ضرورة التشاور مع دول الناتو الأوروبيين وحكومة أوكرانيا، واستخدم لغة الوعيد. ليرفع منسوب التصعيد بقوله: “أيّ عدوان آخر ضد أوكرانيا سيكون له ثمن باهظ للغاية. سنواصل دعم أوكرانيا سياسياً وعملياً. وسندافع عن سيادة أراضي أوكرانيا ووحدتها وحقّها في اختيار طريقها”.
في المقابل، قدَّمت روسيا مسودة أمنية. دعت الناتو من خلالها إلى الابتعاد عن حدودها ووقف محاولاته لضمّ أوكرانيا، وحدَّدت ضمن بنود مسودة الاتفاقية خطوطها الحمر. وعلى الملأ. طالبت واشنطن وحلفاؤها بتخلي الناتو عن التوسّع شرقاً. وعدم ضمّ دول الاتحاد السوفياتي السابق إليه. وعدم إنشاء قواعد عسكرية فيها وفي الدول غير الأعضاء في الناتو، وعدم التعاون مع هذه الدول.
وفي انتظار العام المقبل (المهلة التي أشار إليها بلينكن). لم تتوقّف روسيا عن حشد قواتها بقوة. على وقع ردّ بوتين “باتخاذ تدابير عسكرية وتقنية انتقاميّة مناسبة” على التهديدات والممارسات الغربية “غير الودية” التي تحصل على “عتبة دارنا”. بحسب وصفه، لكنّه في الوقت ذاته، أكّد رغبة بلاده في “تجنّب إراقة الدماء” والحلّ عبر “الوسائل السياسية والدبلوماسية”. على الرغم من عدم ارتياحه إلى الضمانات الأميركية التي قد “تنسحب منها بكلّ سهولة. وتصبح فجأة خارج دائرة اهتمامها”. فهل سيقبل الناتو دعوة بوتين إلى المحادثات “الجدية”؟ وهل سيكون هناك “احتواء للتصعيد” واستجابة للنداء الأول للمستشار الألماني الجديد أولاف شولتس؟ هل اقتربت ساعة الصفر؟
من خلال هذه الأجواء، يبدو أنَّ لجوء وزارة الخارجية الروسية إلى نشر مسودة الاتفاقيات بين روسيا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بشأن الضمانات الأمنية يعتبر بمثابة الإنذار الأخير. وبناء عليه. أكَّد المتحدّث باسم الكرملين استعداد بلاده “لبدء مفاوضات الضمانات الأمنية غداً”، في إشارةٍ إلى إهدار الوقت الثمين الَّذي طالب به بلينكن. كذلك عبر المرونة الروسية في التعامل مع نصَّي المسودة. وأنهما لم يوضعا “وفقاً لمبدأ القائمة، ويمكن اختيار أحدهما أو الآخر”. بحسب نائب وزير الخارجية الروسي.
من خلال مسودة الاتفاقية مع الناتو، تبدو النيات الروسية واضحة لجهة الرغبة في التوصّل إلى حلول دبلوماسية وسلمية. بعيداً عن الخصومات والتهديد بالقوة. كذلك تسعى المسودة الروسية للاتفاق الأمني مع واشنطن إلى عدم لجوء الطرفين إلى استخدام أراضي دول أخرى لإعداد هجمات متبادلة أو شنّها. وهذا يفترض بالضرورة وقف التدريبات وسيناريوهات استخدام الأسلحة النووية ونشرها خارج أراضيهما.
إنَّ التباين الشاسع بين سياسة موسكو وواشنطن، لطالما دفع الأخيرة إلى اعتماد سياساتٍ غوغائية. بعيدة كلّ البعد عن دعم الاستقرار في العالم، والقفز على مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون والدول. الأمر الَّذي يدفع الساسة ووسائل الإعلام الروسية إلى عدم التفاؤل بموافقة واشنطن على المسودات. مع رفضها منح الرئيس بوتين والدبلوماسية الروسية فرصة الانتصار. في تكريسٍ واضح لسلوكها ونهجها “غير الودّي تجاه روسيا. والذي يخلق أجواء سامة تحول دون تواصل هادئ ومهني بين البلدين”. بحسب الوزير سيرغي لافروف.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: العراق أولاً
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: “العراق أولاً“